کتاب: هدایة الخلق الی سبیل الحق

کاور هدایة الخلق الی سبیل الحق

هدایة الخلق الی سبیل الحق

تألیف: استاد محترم عبدالرحمن آخوند تنگلی حفظه الله

زبان: عربی

موضوع: ردیات (ردیه وهابیت)

قطع: وزیری

ناشر: …..

پیرامون کتاب: وهابیت فتنه ای است که گریبان گیر هر قوم و ملتی شده و هر مذهبی را آلوده ساخته است. کتاب حاضر، بحث هایی پیرامون اقوال باطله آن گمراهان بیان نموده و سپس نظریات علمای کرام در رد آن نظریات ارائه میدهد. کار تألیف این کتاب توسط استاد فرزانه حضرت عبدالرحمن آخوند تنگلی حفظه الله در خرداد ماه 1389 هجری شمسی به پایان رسید و بلافاصله به زیر چاپ رفت و در دسترس عموم قرار گرفت. فایل پی دی اف این کتاب را با حجم 604 کیلوبایت میتوانید در زیر دانلود نمایید.


دانلود کتاب: هدایة الخلق الی سبیل الحق ـ Bu kitaby göçürip al


متن کتاب

مقدمة. 3

بيان الوهابية. 4

مؤسس الوهابية. 6

اقوالهم الخبيثة الباطله. 9

اقوال المحققين في الوهابية و قادتها 22

تلبيس الوهابيّين و مكرهم. 28

الاستغاثة بغيره تعالي.. 32

نداء الغائب… 42

التوسل بالذوات الشريفة. 51

التبرّك باحباب الله تعالي و آثارهم. 67

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

اَلْحَمْدُ لِلّهِ ‌الَّذِيْ قَصَّرَ عُقُوْلَ الْخَلْقِ مِنْ اِدْرَاكِ كُنْهِه وَ ذَاتِه وَ عَلَّمَهُمْ بِنَظَامِ الْكَائِنَاتِ كِبْرِيَاءَ نُعُوتِه وَ عَظَمَةَ صِفَاتِه وَ اَرْسَلَ اِلَيْهِمْ الرُّسُلَ لِيُبَيِّنُوا لَهُمْ سُبُلَ السَّلامِ وَ آياتِه وَ ‌الصَّلاةُ وَ‌ السَّلامُ عَلَي الشَّفِيْعِ المُشَفَّعِ اِبِي الْقَاسِمِ مُحَمَّدٍ اَفْضَلِ اَنْبيَآئِهِ وَ دُعَاتِه وَ عَلي آلِه وَ اَصْحَابِه الَّذِيْنَ هُمْ ذَرَائِعُ لِكَسْرِ اَعْدَائِه وَ نُفَاتِه وَ عَلي اَتْبَاعِه الاوْلِيَآءِ ‌الَّذِيْنَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا ‌هُمْ يَحْزَنُوْن وَ هُمْ اِلَي ‌الله تَعالي وَسَائِلُ لِخَلْقِه وَ عِبَادِه اَمَّا بَعْدُ:

فلما شاعت الفتنةُ الوهابيةُ في ‌البلاد الاسلامية، و استقبل منها مَنْ لا خلاق له في‌ الطُرُق العرفانية، و ركن اليها مَنْ ليس له حظّ من قواعد العلوم الآلهية، اردتُ اَنْ اُحَذِّرَ اخواني المسلمين عن تدليس هذه الفئة المشئومة، فَاَلَّفْتُ رسالة موسومة «بهداية الخلق الي سبيل الحق»، من طالعها بالفكر و الامعان، و حفظ ما فيها بالجد و الاتقان قمع انفَ مَنْ توهَّبَ و تبع حزب الشيطان، اسأل الله الكريم ربي المنان، ان ينفع بها الاِخْوان من اهل الايمان.

*   *   *

بيان الوهابية

هي مرام بدعي سياسي، لا مذهب اجتهادي الهي، بل هي حزب شيطاني تشكل بالدسيسة البريطانية العظمي بتوسط محمد بن عبدالوهاب النجدي لتضعيف شوكة ‌الدين و الاسلام و تكسير اتحاد المسلمين و تشتيت الارتكام، كان ابتداء ظهورهم سنة الف و مأة و ثلاث و اربعين (1143) و اشتهر امرها بعد ‌الخمسين، حتي غلبوا علي الحرمين الشريفين الي ان صدر الامر من‌ السلطان سليم خان لمحمد بن علي باشا صاحب مصر ان يجهز الجيوش لقتال الوهّابيين و اخراجهم من الحرمين.

فجهز محمد علي باشا في سنة سبع و عشرين و مأتين و الف (1227) جيشا عظيما و حاربهم و قتل كثيراً منهم و فرق جموعهم و قبض علي كثير من امرائهم و استولي علي المدينة و جدة و مكة و الطائف و غيرها فجعل «قُطِعَ دَابِرُ الْخَوَارِج» تاريخاً لتلك السنة.

و لما شغلت الامبراطورية العثمانية بالحرب العالمي حصلت الفرصة للبريطانية الشيطانية فاعانت للوهابيين و اخرجتهم من سيطرة العثمانية، و جعلت اميرهم عبدالعزيز ملكا رسمياً، و كان حليفاً‌ دائما و صديقاً وفياً للانگليز و قائلاً في خطبته: من لم يشكر الناس اي الانگليز لم يشكر الله.

 و كانت تلك البقعة موسومة بالمملكة العربية السعودية من عام احدي و خمسين و ثلث مأة و الف (1351) هـ الي الآن.

فقويت و شاع شؤمها الي انحاء العالم. اسأل الله تعالي ان يحفظ المسلين من مكرها.

*   *   *

مؤسس الوهابية

هو محمد بن عبدالوهاب بن سليمان التميمي، ولد سنة الف و مأة و احدي عشرة (1111) و كان في ابتداء امره من طلبة العلم فقرأ اَوَّلاً علي ابيه عبدالوهاب و هو من العلماء الصالحين علي المذهب الحنبلي ثم علي الشيخ عبدالله بن‌ ابراهيم بن ‌سيف، ثم علي الشيخ محمد مجموعي، و اساتيذه يتفرسون فيه الغواية، و يقولون: «سيضل الله تعالي هذا». فكان الامر كذلك.

 و ابوه يُحَذِّر الناس منه و كذلك اخوه الشيخ سليمان، و الّف كتاباً في الرد عليه و كان يطالع اخبار من ادعي النبوة كاذباً كمُسَيْلِمَة الكذاب، و العَنْسِيِ و ابن صَيَّاد و امثالهم فكان يضمر في نفسه دعوي النبوة و لو امكنه اظهار هذه الدعوي لاظهرها.

فبينما كذلك لقيه الجاسوسُ البريطاني في الممالك الاسلامية المسمي بهمفر و رآه يزدري بابي‌حنيفة ايما ازدراء و يقول: «انني اكثر فهماً من ابي حنيفة» و يقول: «ان نصف كتاب البخاري باطل». و يقول كذا و كذا مما لايسمعه الجاسوس من مسلم قط. فعلم انه مغرور احمق يحصل منه ما اراد من تخريب‌ الدين، و الافساد بين المسلمين، و فشدّد الروابطَ و الصلات بينه و بين محمد بن عبدالوهاب النجدي و اعانه بكل ما امكن و صحبه ليلاً و نهاراً فلقنه ما لقن و اضله اضلالاً.

حتي اظهر الرُؤيا كذباً و قال: «اني رأيت البارحة رسول ‌الله و وَصَّفَهُ بما سمعه من خطباء المنابر، جالساً علي كرسي و حوله جماعة من العلماء لم اعرف احداً منهم و اذاً قد دخلتَ و وجهك يشرق نوراً، فلما وصلت الي الرسول قام اجلالاً لك و قبّل بَيْنَ عينيك، و قال لك: يا محمد انت سميّي، و وارث علمي، و القائم مقامي في ادارة شئون الدين و الدنيا. فقلتَ انت: يا رسول الله اني اخاف ان اظهر علمي علي ‌الناس. فقال الرسول لك: «لاتَخَفْ انك انت الاعلي».

فلما سمع النجدي هذه القصة الكاذبة كاد ان يطير فرحاً، فصمم من ذلك اليوم علي اظهار امره. و ابتدع ما ابتدعه من الزيغ و الضلال. و تحالف معه امير الدَّرْعِيَّة محمّد بن سعود من قبيلة عنيزة و تعاهدا علي ان يكونا يداً واحدة في نشر المرام الجديد. فجهز لنصرته جيوشا و قاتل المسلمين. مات محمد بن عبدالوهاب سنة الف و مأتين و سبعة (1207) و اَرَّخَ بعضهم بهذه الجملة «بها هلاك الخبيث».

ثم مات محمد بن سعود فخلفه ولده عبدالعزيز و قام بنصرة هذه البدعة ثم مات عبدالعزيز فخلفه ولده سعود ثم خالد بن سعود ثم عبدالله بن فيصل ثم عبدالرحمن‌ بن فيصل، ثم ملك عبدالعزيز ثم ملك سعود ثم ملك فيصل، ثم ملك خالد، ثم ملك فهد. فهؤلاء الزعماء الذين اضرموا نيران البدعة في صفحات الارض و البلدان الاسلامية.

فتحققت الرؤيا التي رآها جد محمد النجدي و هو سليمان التميمي كان راعيا فقيرا رأي في منامه كأن شعلة نار خرجت منه و انتشرت في الارض و صارت تحرق من قابلها. فقصَّها علي مُعَبِّر فعَبَّرَهَا و قال: «اِنَّ ولداً لك تحدث له دولة قوية» فتحققت في حفيده محمد‌ بن عبدالوهاب.

اسأل الله القهار ان يُدَمِّر الفئة الضالين الباغين، فاني لااطيل الكلام بذكر تواريخهم الفجيعة، و بيان اعمالهم الشنيعة، من اراد الاطلاع فليرجع الي كتابنا «ميزان الاعتدال في بيان الحق و الضلال» و لكن اُورِدُ مِنْ معتقداتهم و اقوالهم ما اشْمأزَّتْ منه سجايا العقلاء و نفوسُ النبلاءِ حتي يعلموا انهم فريقٌ حقَّ عليهم الضلالة.

فَاَذْكُرُ ما يقول العلماء المحققون، و المشائخ المدققون.

فيهم ثم بحوله تعالي اُثْبِتُ مَا عليه السلفُ الصالحون، و الخلفُ الفاضلون بالبراهين القطعية، من الآيات الآِلهيَّة و الاحاديث النبوية، و الآثار السلَفِيَّة ليهلك من هلك عن بَيِّنة، و يحيي مَنْ حَيَّ عن بَيِّنَة و ان الله لسميعٌ عليمٌ.

*   *   *

اقوالهم الخبيثة الباطله

منها قولُ ابن تيمية قدوة محمّد بن عبدالوهاب النجدي علي منبر دمشق «الله ينزل كنزولي هذا وَ نزل درجة من المنبر».

و قوله «في السماء فوق سبع سماواته،‌ علي عرشه، استوي بذاته استوي حقيقة علي عرشه بائن من خلقه».[1]

قال العلامة الدواني: «رأيت في بعض تصانيفه انه لا فرق عند بداهة العقل بين ان يقال هو معدوم و بين ان يقال طلبته في جميع الامكنة فلم اجده و نسب النافين الي التعطيل».[2]

و قوله «تقصر الصلاةُ في كل ما يسمي سفراً طويلاً كان او قصيراً».

و قوله «بان سجود التلاوة لايشترط لها وضوء كما يشترط للصلاة».

و قوله «بأن مَنْ‌ اكل في شهر رمضان معتقداً انه ليل فبان نهاراً لا قضاء عليه».

و قوله « »بجواز عقد الرداء في الاحرام و جواز طواف الحائض و لا شيء عليها اذا لم يمكنها ان تطوف طاهراً».

و قوله «بجواز الوضوء بكل ما يسمي ماء مطلقا كان او مقيدا» و قوله «بان المائع لاينجس بوقوع النجاسة فيه الا ان يتغير قليلا كان او كثيرا».

و قوله «ان الطلاق الثلاث لايقع الا واحدة. و ان الطلاق المَحَرَّمَ لايقع».

و قوله «بجواز التيمم في مواضع معروفة و الجمع بين الصلاتين في اماكن مشهورة».[3]

و قوله «فاما انشاء صلاة بعدد مقدر و قرآءة مقدرة في وقت معين تصلي جماعة راتبة كهذه الصلوات المسئول عنها كصلاة الرغائب في اول جمعة من رجب و الالفية في اول رجب و نصف شعبان و ليلة سبع و عشرين من شهر رجب و امثال ذلك فهذا غير مشروع باتفاق ائمة الاسلام».[4]

و قوله «و ليس في الارض قبر اتفق الناس علي انه قبر نبي غير قبره و قد اختلفوا في قبر الخليل و غيره».[5]

و قوله «و اما قول القائل اذا عثر يا جاه محمّد يا سيدة نفيسة او يا سيدي الشيخ فلان او نحو ذلك مما فيه استغاثتهُ و سئواله فهو من المحرمات و هو من جنس الشرك فان الميت سواء كان نبيّا او غير نبي لايدعي و لايسأل و لايستغاث به لا عنده و لا مع البعد من قبره بل هذا من جنس دين النصاري».[6]

و قوله «امّا اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الاول التي يقال انها ليلة المولد او بعض ليالي رجب او ثامن عشر ذي الحجة او اول جمعة من رجب او ثامن شوال الذي يسميه الحفال عيد الابرار فانها من البدع التي لم يستحبها السلف و لم يفعلوها».[7]

و قوله «و يتمثل اي الشيطان لمن يستغيث به من ضلال المسلمين بشيخ من الشيوخ في صورة ذلك الشيخ. كما يتمثل لجماعة ممن اعرفه في صورتي. و في صورة جماعة من الشيوخ الذين ذكروا في ذلك، و يتمثل كثيرا في صورة بعض الموتي. تارة‌ يقول: انا الشيخ عبدالقادر، و تارة‌ يقول: انا الشيخ ابو الحجاج الاقصري، و تارة يقول: انا الشيخ عدي،‌ و تارة يقول: انا احمد ابن الرفاعي، و تارة يقول: انا ابو مدين المغربي، و اذا كان يقول: انا المسيح،‌ او ابراهيم،‌ او محمّد، فغيرهم بطريق الاولي الخ و بعض الناس يسمي هذا روحانية الشيخ و بعض النّاس يقول هي رفيقة، و كثير من هولاء من يقوم من مكانه و يدع في مكانه صورة‌ مثل صورته، و كثير من هؤلاء‌، و من هؤلاء‌، يري في مكانين، و يري واقفاً بعرفات،‌ و هو في بلده لم يذهب،‌ فيبقي النّاس الّذِين لايعرفون حائرين. فان العقل الصريح يعلم ان الجسم الواحد لايكون في الوقت الواحد في مكانين».[8] و غير ذلك من الهفوات.

و منها قول تلميذه ابن القيم الجَوْزِيَّة «يجب هدم المشاهد التي بنيت علي القبور التي اتخذت اوثاناً و طواغيت تعبد من دون الله و لايجوز ابقائها بعد القدرة علي هدمها و ابطالها يوما واحداً فانها بمنزلة اللات و العزي او اعظم شركاً عندها و بها و يجب علي الامام صرف الاموال التي تصير الي هذه المشاهد و الطواغيت في الجهاد و مصالح المسلمين كما اخذ النبي اموال اللات و كذلك يجب عليه هدم هذه المشاهد و له ان يَقطها للمقاتلة او يبيعها و يستعين باثمانها علي مصالح المسلمين و كذا حكم اوقافها فان الوقف عليها باطل و هو مال ضايع فيصرف في مصالح المسلمين».[9]

و قوله «ان النبي صلي الله عليه و سلم حرق مسجد الضرار و امر بهدمه فكذلك مشاهد الشرك احق بذلك و اوجب. و الوقف لايصح علي غير بر و لا قربة فيهدم المسجد اذا بني علي قبر كما ينبش الميت اذا دفن في المسجد فلايجتمع في دين الاسلام مسجد و قبر بل ايهما طرأ علي الآخر منع منه و كان الحكم للسابق».[10] و غير ذلك من الاغلاط و الزّلّات.

و منها قول محمّد بن عبدالوهاب النجدي «اِنَّ الله جالس علي العرش حقيقة و انَّ له يداً و رجلاً و ساقا و جنبا و عينا و وجها و لسانا و نفسا و غيرها حقيقة و انه يتكلم بحرف و صوت».[11]

و قوله في الانبيآء «اولهم نوح عليه ‌السلام و آخرهم محمّد صلي الله عليه و سلم».[12]

و قوله «اِنَّ مُشْركي زماننا اغلظ شركاً مِن الاوّلين لانّ الاولين يُشركُونَ لرخاء و يخلصون في الشدة. و مشركوا زماننا شركهم دائم في الرّخاء و الشدة».[13]

و قوله «ان الاستعاذة بالمخلوق شرك».[14]

و قوله «قوله صلي الله عليه و سلم اَجَعَلْتَنِي للهِ نَدّاً، فكيف بمن قال: مَالِي مَن اَلُوذُ‌ بِهِ سِوَاك».[15]

و قوله «فاعلم ان شرك الاولين اخف من شرك اهلِ وقتنا بامرين؛ احدهما ان الاولين لايشركون و لايدعون الملائكة و الاولياء اوثاناً‌ مع‌ الله الا في الرخاء امّا في الشدة فيخلصون لله الدين الخ.

و الامر الثاني ان الاولين يدعون مع‌ الله اُناساً‌ مقربين عند الله اِمّا نبيّا و امّا اولياءَ و امّا ملائكة، و يدعون اشجارا و احجاراً مطيعة له ليست عاصية و اهل زماننا يدعون مع‌ الله اناساً من افسق الناس».[16]

و كانت عقيدته في القبور انه يحرم عمارتها و البناء حولها و تعاهدها و الدعاء و الصلاة عندها بل يجب هدمها و طمسها و محو آثارها حتي قبر خاتم النبيين. و يزعم هو و اتباعه في تلك المشاهد و القبور انها بمنزلة الاصنام و في قبر النبي صلي الله عليه و سلم انه الصنم الاكبر و لايخفي ان قدوته في هذه المقالات كغيرها هو ابن تيميّة و تلميذه ابن القيم.[17]

و منها قول بعض اتباعه بحضرته فيرضي به «عَصَايَ هذِهِ خَيْرٌ مِنْ مُحَمَّدٍ لانها يُنْتَفَعُ بها في قتل الحية و نحوها و محمّد قد مات و لم يبق فيه نفع اصلاً‌ و انما هو طارش و مضي».[18] و غير ذلك من العواطل و الاباطيل.

و منها قول حفيده عبدالرحمن‌ بن ‌حسن‌ بن محمّد‌ بن عبدالوهاب النجدي «و قد وقع الاكثر من متأخري هذِه الامة في هذا الشرك الذي هو اعظم المحرمات».[19]

و قوله «و الدعاة الي الكفر هم من بني آدم ممن كانوا رؤساءَ و شيوخاً لاولئك الغاوين كاصحاب الطرق الصوفية فانهم الذين زينوا لمريديهم و متبوعيهم الشرك و الكفر بالله و رسوله فان اساس طريقتهم الشيطانية‌ ان يعبد المريد شيخه بانواع التعظيم و الخوف و اعتقاد انه جاسوس قلبه يدخل و يخرج و المريد لايشعر، و انه قبل ان يذكر الله يستحضر الشيخ في قلبه و يعظمونهم بانواع الطاعة العمياء احيآء و امواتاً  كما هو مدون في كتبهم من شروط المريد و ما يسمونه العهد الوثيق، و تجد اكثر هذا الكفر و الضلال في كتب الشعراني».[20]

و قوله «احمد البدوي بطنطا لايعرف له تاريخ صحيح و اضطربت الاقوال فيه و المشهور انه كان جاسوساً‌ لدولة الْمُلَثَّمِين (قوم من مغرب) و كان داهية في المكر و الخديعة و قبره اكبر الاصنام في الديار المصرية مثل هبل الاكبر، او اللات في الجاهلية، يؤتي عنده من انواع الشرك الاكبر».[21]

و قوله «ان من تحقق محبة مشركي زماننا لآلِهَتِهم التي يسمونها بالاوليآء يعلم يقيناً انهم يحبونها اكثر من محبتهم لله و يتصدقون لوجوهها بما لايقدرون ان يتصدقوا بعشره لوجه الله».[22]

و قوله «و من ذلك الحكاية المفتراة المنسوبة الي الشيخ احمد الرفاعي.‌ و انه طلب من النبي صلي الله عليه و سلم مدَّ يده ليقبلها ففعل و خرجت اليد فقبلها. فانظر بالله كيف استطاعت شياطين الجن و الانس ان تلعب بعقول اولئك المخبولين المحرومين من كل علم و عقل و دين».[23]

و قوله «ان المدعو غافل عن دعاء الداعي بما هو مشغول به في قبره من نعيم ان كان من المؤمنين الصالحين، كالحسين و ابيه رضي ‌الله عنهما. او من عذاب اليم كالتجاني المشرك الخبيث و ابن عربي الحاتمي اكبر الدعاة الي وحدة الوجود، و ابن الفارض و اشباههما ممن اتخذه الناس وليا معبوداً لعظم ما بني عليه من القبة، او بالظنون و اتباع الاهواء و هم كثير جدّاً بل اكثر اولئك الطواغيت منهم، و من ارباب الطرق الدجالين».[24] و غير ذلك من الجسارة علي ارباب الحقائق.

و منها قول ابي السمح محمّد عبدالظاهر امام الحرم المكي في وقت الملك عبدالعزيز «و لم يكن للاوليآء زيارة خاصة و لا قبور مشرفة مرتفعة متميزة عن سائر القبور و ذلك ان كل مسلم صحيح الاسلام فهو ولي لله و غيره عدو لله لايزار».[25]

و قوله «ففي العقائد مثلاً تري اشعرية و معتزلة و ماتريدية و سنية و شيعية و جهمية و غير ذلك مما لايحصيهم اِلا الله. ثم لم يكفهم هذا التفرق في العقائد حتي تفرقوا في المذاهب الفقهية شافعية و مالكية و حنبلية و حنفية و زيدية و غير ذلك. ثم اختلفوا في الطرق الصوفية فمنهم شاذلية و خلوتية و نقشبندية و رفاعية و احمدية و تيجانية (طریقة احمد بن محمد فی مغرب اقصی) الخ ما لايعلم عددها الا الله. و هذه الطرق الصوفية و المذاهب الفقهية ينبذها الاسلام و لايعرفها و قد برَّأ اللهُ‌ رسوله صلي الله عليه و سلم منها كلها».[26]

و قوله «اما دعوي التمذهب و المذاهب فهي من البدع الضالة التي فرقت الامة قديماً و حديثاً و هي لم تحدث الا بعد الصحابة و التابعين و قد تبرأ منها الائمة لما شعروا بتعصب العوام لها و قد نقل ذلك ابن عبد البر في كتابه «بيان فضل العلم» بروايات صحيحة عنهم «و اني مستعد لمناظرة‌ ايّ مخالف في ذلك و مباهلته ان اصر علي جواز التمذهب. ان التمذهب هو التفرق بعينه و هو الذي يؤدي الي العصبية الجاهلية الاولي و الذي ادي اليها من قبل. و كان من اسباب ضياع عز الاسلام و المسلمين».[27]

و قوله «فهؤلاء كما قال الامام الشيخ محمد عبده رحمه الله: مسلمون جغرافيون اي انهم اذا عدوا اهل قطر عدوهم مسلمين و الاسلام يبرأ منهم».[28]

و قوله «و امّا اولئك فانهم يدعون العوام المساكين الي الشرك باسم الاسلام يدعونهم الي عبادة الاصنام و الاوثان، و الاعتماد عليها لايعرفونهم بالله، و لايخوفونهم عقابه، و لايذكرونهم بنعمه، و لايقبلون بهم عليه و لايرشدونهم الي بابه، و ان فعلوا فلابد ان يقرنوا معه في التبجيل و التعظيم، و الاجلال و التوقير تلك القبور و الاوثان،‌ حتي اصبح العامة يقلدونهم في اعمالهم و يبالغون في تأديتها علي الوجه الذي يظنون انهم به محسنون فتراهم يتمرغون في الاعتاب، و يقبّلون حلقات الابواب، و يمسحون بايديهم علي الاعمدة، ثم يمسحون بها وجوههم تبركا و استعطافاً. و قد رأينا لبعض كبار العلماء في زماننا استغاثات و شكاوي شعرية و نثرية مقدمة للسيد البدوي صنم طنطا بالقطر المصري و غيره».[29] و غير ذلك مِنَ التُّرَّهَات.

و منها قول ملا سلطان المعصومي الخجندي ثم المكي «و العجب ان بعض الامم التي لاتدين بالقرآن كاروبا و آمريكا و البلاشفة اقرب الي احكامه في ذلك ممن يدعون اتباعه من اصحاب التكايا و الزوايا و الطرق و المذاهب، و انما الغلبة لمن يكون اقرب الي هداية القرآن بالفعل علي من يكون ابعد عنها و ان انتسب اليه بالقول».[30]

و قوله «و يقرب من هذا من يؤمن ببعض اصحاب رسول الله صلي الله عليه و سلم و يعظمه و يكفر ببعض و يبغضه فيحب البعض و يبغض البعض كالرافضة و الشيعة و يقرب منهم ايضاً‌ من يؤمن ببعض الائمة المجتهدين و يحبه و يعظمه و يتبعه، و يبغض البعض بل يكفر به كاكثر الاحناف من البخاريين و الهُنُود و الاتراك فانهم يعظمون الامام اباحنيفة، و اصحابه فيتبعونهم و يحبونهم و يقلدونهم. و امّا الائمة الباقون كالامام مالك و الشافعي و احمد و غيرهم من ائمة السنة فيبغضونهم و يبغضون من يقلدونهم فيقولون في كتبهم لنا و لهم و عندنا و عندهم».[31]

و قوله «فعليك ايها الطالب للحق بمطالعة كتب العلماء المحققين و تفهم ما فيها، و استعمال العقل، و ترك التقليد و التعصب لمذهب او فرقة او طريقة. فان التقليد لغير المعصوم صادر عن عَمَي البصر. و لاتغتر بِتُرَّهَاتِ هؤلاء و اوهامهم بل عليك الاخذ و العمل بكل ما جاء‌ به محمد صلي الله عليه و سلم فلن تهلك ابداً.‌ و لن تضل سرمداً بحول الله و قوته».[32]

و قوله «و اعلم ان الغلو في المشايخ منهي عنه. فكل من غلا في نبي او رجل صالح و جعل فيه نوعا من الالوهية مثل ان يقول يا سيدي فلان انصرني او اغثني، او ارزقني، او انا في حبك او نحوها فكل هذا شرك و ضلال يستتاب و الا قتل».[33]

و قوله «فاذا عرفت هذا حق المعرفة علمت ان الذين اخترعوا الاوراد و الاحزاب كدلائل الخيرات و قصيدة البردة‌ و الهمزية و الاوراد الفتحية و غيرها من ورد فلان و حزب فلان و ختم خواجگان قد زادوا في الدين اشياء من عند انفسهم افتراء‌ علي الله و علي رسول الله صلي الله عليه و سلم و يقولون: يقول كذا و كذا مرة، من اين لهم هذا العدد؟ و يقولون حزبي يوم كذا و كذا من اين لهم تعيين هذا الشيء في هذا اليوم؟ فضلا عما في كلماتهم من الشركيات و تنزيل المخلوق منزلة الخالق و دعاء‌ الاموات و طلب الحاجات من المخلوقات».[34] و غير ذلك من الهذيانات و الخرافات.

و منها قول عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن ‌بن باز «و العقائد المضادة للحق ما يعتقده بعض المتصوفة من ان بعض من يسمونهم بالاوليآء يشاركون الله في التدبير، و يتصرفون في شئون العالم، و يسمونهم بالاقطاب و الاوتاد و الاغواث، و غير ذلك من الاسمآء التي اخترعوها لآلهتهم‌ و هذا من اقبح الشرك في الربوبية.‌ و هو شر من شرك جاهلية العرب».[35]

و قوله «فالواجب علي جميع المكلفين العناية بهذا الامر و الفقه فيه و الحذر مما وقع فيه الكثيرون من المنتسبين الي الاسلام من الغلو في الانبيآء و الصالحين و البناء علي قبورهم و اتخاذ المساجد و القباب عليها و سؤالهم و الاستغاثة بهم و اللجؤ اليهم و سؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، و شفاء المرضي و النصر علي الاعدآء‌ الي غير ذلك من انواع الشرك الاكبر».[36]

و قوله «و بذلك يتضح لكل من له ادني بصيرة‌ و رغبة في الحق و انصاف في طلبه، ان الاحتفال بجميع الموالد ليس من دين الاسلام في شيء بل هو من البدع المحدثات التي امرنا الله سبحانه و رسوله صلي الله عليه و سلم بتركها و الحذر منها».[37] و غير ذلك من السَّفْسَطَاتِ و المزخرفات.

فانهم نشروا رسائل كثيرة و مجلات عديدة كلها مشحونة بالاباطيل و الاضاحيك لايسمعها ذو طبع سليم الا تنفر و تغير. لان اساس الوهابية تجسيم ذات الباري تعالي و تنقيص صفاته، و تقليل اعداد انبيائه و دعاته، و تضليل المشايخ و الاوليآء الكاملين، و تكفير اهل الاسلام و تكسير شوكة جمع المسلمين، و تحذيرهم عن كثرة العبادة و شدة الرياضة، يقبلها رَعاعُ العوام،‌ و تركن اليها نفس العنيد الطغام، و لهذا تبذل دولتها السعودية ثروة كثيرة الي انحاء الدنيا لترويج الامتعة الكاسدة، و المسلكة الفاسدة،‌ كسرالله شوكتهم آمين.

اخي يُبَيِّنُ لك انظارَ العلماء المحققين الربانيين في الوهّابية و قادتها الفصلُ الآتي فاحفظ.

*   *   *

اقوال المحققين في الوهابية و قادتها

منها قول خاتمة الفقهاء و المحدثين الشيخ احمد شهاب الدين‌ بن حجر الهيتمي المكي «ابن تيمية عبد خذله الله و اضله و اعماه و اصمه و اذله و بذلك صرح الائمة الذين بينوا فساد احواله و كذب اقواله و من اراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الامام المجتهد المتفق علي امامته و جلالته و بلوغه مرتبة الاجتهاد ابي الحسن السبكي و ولده التاج و الشيخ الامام العز بن جماعة و اهل عصرهم و غيرهم من الشافعية و المالكية و الحنفية و لم يقصر اعتراضه علي متأخري الصوفية بل اعترض علي مثل عمر ‌بن الخطاب و علي بن ابي طالب رضي‌الله عنهما كما يأتي.

و الحاصل ان لايقام لكلامه وزن بل يرمي في كل وعرٍ و حزنٍ و يعتقد فيه انه مبتدع ضال و مضل جاهل غال عامله الله بعدله و اجارنا من مثل طريقته و عقيدته و فعله آمين».[38]

و منها قول العلامة الفهامة المحقق مولانا علي القاري رحمة الله عليه «قد افرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبي صلي الله عليه و سلم كما افرط غيره».[39]

و منها قول العلامة العارف بالله تعالي الشيخ احمد الصاوي رحمة الله عليه «و اما القول بان الطلاق الثلاث في مرة واحدة‌ لايقع الا طلقة فلم يعرف الا لابن تيمية من الحنابلة و قد رد عليه ائمة مذهبه حتي قال العلماء: انه الضال المضل».[40]

و منها قول السبكي رحمة ‌الله عليه «و يحسن التوسل و الاستغاثة بالنبي الي ربه و لم ينكر ذلك احد من السلف و لا من الخلف حتي جاء ابن تيمية فانكر ذلك و عدل عن الصراط المستقيم و ابتدع ما لم يقل عالم قبله و صار بين اهل الاسلام مثلة».[41]

و منها قول الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني «قال الامام ابن حجر في الجوهر المنظم: من خرافات ابن تيمية التي لم يقلها عالم قبله و صار بها بين اهل الاسلام مثلة انه انكر الاستغاثة و التوسل به صلي الله عليه و سلم».[42]

و قوله «الامام صدرالدين المعروف بابن المرحل الشافعي ناظره و الامام ابوحيان كان صديقا له فلما اطلع علي بدعه رفضه رفضا بتاً و حذر الناس منه و الامام عزالدين بن جماعة رد عليه و شنع عليه كثيرا».[43]

و منها قول المولوي عبدالحليم الهندي في حل المعاقد حاشية شرح العقائد «كان تقي‌الدين ابن تيمية حنبليا لكنه تجاوز عن الحد و حاول اثبات ما ينافي عظمة الحق تعالي و جلاله فاثبت له الجهة و الجسم و له هفوات آخر كما يقول ان امير‌المؤمنين سيدنا عثمان كان يحب المال و ان اميرالمؤمنين سيدنا عليا ما صح ايمانه فانه آمن في حال صباه.

و تفوه في حق اهل بيت النبي صلي الله عليه و عليهم ما لايتفوه به المؤمن المحق و قد وردت الاحاديث الصحاح في مناقبهم في الصحاح و انعقد مجلس في قلعة الجبل و حضر العلماء الاعلام و الفقهاء العظام و رئيسهم قاضي القضاة زين‌الدين المالكي و حضر ‌ابن تيمية فبعد القيل و القال بهت ابن تيمية و حكم قاضي القضاة بحبسه سنة خمس و سبعمأة ثم نودي بدمشق و غيرها «من كان علي عقيدة ابن تيمية حل ماله و دمه» كذا في مرآة الجنان للامام ابي محّمد عبد‌الله اليافعي ثم تاب و تخلص من السجن سنة سبع و سبع مأة و قال: اني اشعري ثم نكث عهده و اظهر مرموزه فحبس حبساً‌ شديداً ثم تاب و تخلص و اقام في الشام و له هناك واقعات كتبت في كتب التواريخ و رد اقاويله».[44]

و منها قول صاحب التفسير الوجيز «فابن تيمية اتي بشيء منكر لايغسله البحار و ليس هذا عجيبا منه فانه تفوه بان لله يداً و رجلاً و صار من المجسمة حتي ان بعضاً من العلماء قد كفروه».[45]

و منها قول مولانا حمد‌الله الداجوي «انه ظهر ابن تيمية في سنة‌ خمس و سبع مأة و كان يقول بكون الله تعالي مجسماً. تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا و يقول بحرمة السفر بقصد الزيارة النبوية و كان طريقه تحقير بعض الخلفاء الراشدين و توهين الائمة المجتهدين.

و الدليل علي ذلك كتابه المسمّي «بصراط مستقيم» و علماء عصره كالشيخ ابي داود السمان و الشيخ كمال‌ الدين و تقي‌ الدين السبكي ردوا عقيدته الباطلة و اخذوه و ذهبوا به الي المدرسة الكاملة في مصر و انعقد المجلس و حضر القضاة و المفتون كلهم و جعلوه قائلاً‌ و جري الحكم السلطاني في البلاد كلها ان عقيدة ابن تيمية خلاف الاجماع و من اعتقد بعقيدته استحق الوبال.

و بعد ذلك وقع له في تحقير الاولياء و توسل نبي الرحمة صلي الله عليه و سلم مقال و بالآخر صار محبوساً في تلك المقدمة.

لان اهانة الاولياء و المشائخ و العلماء كفر و التوسل بنبي الرحمة صلي الله عليه و سلم عقيدة متفق عليها للامة و المنكر عن ذلك ضال.

ثم تاب ابن تيمية في زمن الدولة الناصرية و خلص من السجن و جاء الي الشام و صار بمثل تلك العقيدة محبوساً في سجن دمشق و جري الحكم العام من السلطان بان من كان علي عقيدة ابن تيمية فماله و دمه حلال و ابن تيمية مع قطع النظر عن كونه ظاهريا كان من الخوارج و كان يسيئ الادب في حق علي كرم ‌الله وجهه و فاطمة الزهراء رضي‌الله عنها».[46]

و منها قول العلامة ابن عابدين رحمة الله عليه «فيكفي فيهم اعتقادهم كفر من خرجوا عليه كما وقع في زماننا في اتباع ابن عبدالوهاب الذين خرجوا من نجد و تغلبوا علي الحرمين و كانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا انهم هم المسلمون و ان من خالف اعتقادهم مشركون و استباحوا بذلك قتل اهل السنة و قتل علمائهم حتي كسر الله تعالي شوكتهم و خرّب بلادهم و ظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث و ثلاثين و مأتين و الف».[47]

و منها قول العلامة الشيخ العارف بالله احمد الصاوي رحمة ‌الله عليه «و يستحلون بذلك دماء المسلمين و اموالهم كما هو مشاهد الآن في نظائرهم و هم فرقة بارض الحجاز يقال لهم الوهّابية يحسبون انهم علي شيء الا انهم هم الكاذبون استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر ‌الله اولئك حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون نسأل الله الكريم ان يقطع دابرهم».[48]

و منها قول العلامة عبدالحليم اللكنوي رحمة الله عليه «و نحوهم كالوهَّابي المنكر للشفاعة».[49]

و منها قول العلامة الفهامة مولانا عبدالحي اللكنوي رحمة الله عليه «و انت وهّابي اي منسوب الي محمّد بن عبدالوهاب النجدي صاحب الفتاوي الزائعة».[50]

و منها قول شيخ الاسلام السيد احمد زيني دحلان «و الحاصل ان المحقق عندنا من اقواله و افعاله ما يوجب خروجه عن القواعد الاسلامية لاستحلاله اموالا مجمعا علي تحريمها معلوما من‌ الدين بالضرورة بلا تأويل مع تنقيصه الانبيآء و المرسلين و الاوليآء و الصالحين و تنقيصهم تعمداً كفر باجماع الائمة الاربعة».[51]

و منها قول العلامة ابي حامد‌ بن مرزوق رحمة‌ الله عليه «و من المحال ايضا صدق محمد بن عبدالوهاب في حصره الطائفة التي علي الحق فيه و في مقلديه».[52]

و منها قول الفاضل العلامة داود بن سليمان البغدادي «قد ظهر في زماننا اناس يخالفون اهل السنة و المذاهب فيضللون الامة المحمّديّة و يستبيحون دمائهم و اموالهم».[53]

و غير ذلك من اقوال العلماء الجهابذة ارباب الدين و اصحاب المعارف الالهيَّة و الحق اليقين.

*   *   *

تلبيس الوهابيّين و مكرهم

انهم قوم ماكرون يزعمون انهم هم الموحدون المتقون. و يتظاهرون بالتأسف عن مصائب الدين قبل ان يعلموا ما‌ الدين؟ و يتحزنون عن هلاك المسلمين بالشرك و الضلال المبين و يتباكون عن اِعْراض الناس عن الهدي و الصراط المستقيم.

و قصدهم بهذه التكلفات نهي المسلمين المهديين عن التمذهب بالمذاهب الاسلامية و التقليد لاصحابها الكاملة و سلب الاعتماد عن اصولهم المتقنة و فروعهم المدونة و لكن لايبرزون ما في صدورهم حتي يتيقنوا ان سامعيهم لايعترضون عليهم بل هم تحتَ جلد الضأن قلبُ الاذْؤُبِ يلاقون الناس بالكلمات المعسولة المسمومة، فيصيدونهم بالشبكات السمية، فيقع فيها العوام الغافلون الا من هدي اللهُ ربُ العالمين.

ايها الاخوة و الاخواتُ! كونوا علي بصيرة من الدين و لاتُلْقُوا سمعَكم الي قول هؤلاء الشياطين.

اني اظنهم من مصداق هذا الحديث الشريف «يأتي في آخر الزمان قوم حُدَثاءُ الاَسْنانِ سفهاءُ الاحلام يقرؤون القرآن لايجاوز تراقيَهم يقولون من خير قول البرية يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية لايجاوز ايمانهم حناجرهم فاينما لقيتموهم فاقتلوهم فان قتلهم اَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يومَ القيامة».[54]

قال حمدالله الداجوي رحمة الله عليه «فلما عَرَفْتَ مَسْلَكَهُمْ عَلِمْتَ اَنَّ مقصودَهُم، رفعُ الاعتماد عن الكتب فانهم يقولون اليوم: اذا كانت المسئلة موجودةً في كتب محمد رحمه الله تعالي فايّة حاجة الي الهداية و شرح الوقاية و الكنز.

فاذا تيقنوا ان كلامهم اثر في الجُهلاء من الطلبة الاغمار (جمع الغَمر ای الجاهل) كما يظهر من عادتهم يقولون: نعتمد بقول ابي حنيفة رحمة الله عليه، لا بقول ابي يوسف و محمّد و غيرهما فانا مقلدون له لا لهم.

فاذا رفع الاعتماد عن كتب محمّد يقولون: نعتمد بالحديث فَاِنَّا اُمّة محمّد صلي الله عليه و سلم فاذا رفع الاعتماد من ابي حنيفة رحمة الله عليه يقولون: نحن نعمل بالقرآن و كيف نعمل بالحديث في مقابلة القرآن كما هي عادة منكري الحديث في هذا الزمان.

و هذه هي الطريقة الي الالحاد في الدين و هذا ليس بتخمين بل سمعتُ بعض ذلك مشافهة من تلامذته الاغمار و قلت لهم مثل هذا القول الا ان غشاوة التعصب قد احاط علي بصائرهم فالي الله المشتكي من اكثر طلبة هذا الزمان لايعرفون الغث من السمين و لا الشمال من اليمين و لا لهم علم بالعلوم الآلية و لا لهم مهارة في العقائد فيجدهم امثال هذا الشيخ خالي الاذهان فيتمكن في قلوبهم ما قالوا لايغسله البحار و لنعم ما قيل:

اتاني هواها قبل ان اعرف          فصادف قلبا فارغا فتمكنا».[55]

و قال العلامة مصطفي ابوسيف الحمامي رحمة الله عليه «و انا اعلم ان بيننا فريقا تقع منهم هذه الحقائق موقعاً غريباً و اليما و لايكادون يصدقونها و لعلك تقول و ماذا يفعلون في هذه الحجج اليقينية التي تسوقها؟ فاقول لك انا يا اخي كانك لم تكن في الدنيا لتعلم ايها الفاصل ان الفريق الذي نشير اليه لا قيمة للحجة عنده اذا كانت من السنة كأن السنة نسخت في هذا الزمان. نعم لقد وصلوا في الاستخفاف بالسنة النبوية التي لولاها ما كان لنا دين الي حد لايكاد يصدقه المؤمن.

و ماذا عسي ان تنتظر في الاستخفاف بها بعد ان تسمع احد هؤلاء يصرح في غير خجل ان بنتا صغيرة خادمة اصدق من رواة البخاري الذي يعده علماء الاسلام اصح كتاب في السنة.

لاتفزع ايها الاخ و اعلم ان هذا الفريق الذي حاله ما نذكر وصل امره الي اكثر مما نقول. فقد طبع في العام المنصرم (1349) تفسير لواحد من هذا الفريق بتثجيع من اخوانه و مساعدة كبيرة هذا التفسير لكلام الله و هو ينكر كلام الله انكارا صريحا بصرف كثير من عباراته الكريمة الي معان لايدل عليها الوضع العربي الذي به نزل هذا الكتاب الحكيم و بذلك انكر حقائق، انكارها كفر صريح و قامت له الامةُ و قعدت الخ و مع كون ذلك الفريق بتلك الدرجة التي نحكيها مع الحجج النبوية تراه اذا عثر علي شبه حجة له علي معني، يعتقده تجده يتشبث بها تشبثه بروحه مع انها من السنة التي لا قيمة عنده».[56]

فالحاصل ان الوهّابيّين يكفرون من استغاث بالمخلوق او توسل و تبرك به او استشفي من غير الله تعالي او زار القبور او بني عليها القباب، او اعتقد سماع الموتي، و نداء الغائب، او اثبت علم الغيب لهم مطلقا او غير ذلك مما يفعله المسلمون اسلافاً و اخلافاً و يبلغون ان الاسلام هو ما هم عليه و كل من خالفهم يعدون من المشركين فهذه شرذمة قليلة ذئاب في جلود الاغنام مكروا و مكر الله و الله خير الماكرين.

فاني بحول الله تعالي و قوته اَسرُدُ دلائل السواد الاعظم من الآيات الشريفة و الاحاديث و الآثار المنيفة انشاء الله تعالي رب العالمين.

*   *   *

الاستغاثة بغيره تعالي

الاستغاثة هي طلب العون و هي جائزة سواء كانت بالله القادر اللطيف او بخلقه الشريف. و الدليل فيها كثير جدا من الآيات و السنن و الآثار.

منها قوله تعالي «يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ».[57]

قال المفسر الشهير محمد ابوحيَّان: «و في قوله ايكم يأتيني بعرشها‌، دليل علي جواز الاستعانة ببعض الاتباع في مقاصد الملوك».[58]

و المراد من الذي عنده علم من الكتاب هو آصف بن بَرْخِيَا كاتب سليمان و هو الاصح و عليه الجمهور».[59]

و قوله تعالي «فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ».[60]

و قوله تعالي «وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ».[61]

و قوله تعالي «وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى».[62]

و قوله تعالي«فَأعِينُونِي بِقُوَّةٍ».[63]

و قوله تعالي «وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الحَجَرَ».[64]

و قوله تعالي «وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ».[65]

و قوله تعالي «فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ».[66]

و قوله تعالي «لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ».[67]

و غير ذلك من الآيات الكريمة.

و منها قول النبي صلي الله عليه و سلم «اِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّي يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الاذُنِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذلِكَ اِسْتَغَاثُوا بِآدَمَ ثُمَّ بِمُوْسي ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صلي الله عليه و سلم».[68]

و قوله صلي الله عليه و سلم حكاية عن ام اسماعيل عليه السلام «فقالت لو ذهبتُ فنظرتُ لعَلِّي اُحِسُّ احدا فذهبت فصَعدتِ الصفا فنظرت و نظرت فلم تُحِسَّ احداً حتي اتمت سَبْعاً ثم قالت لو ذهبت فنظرتُ ما فعل فاذا هي بصوت فقالت اَغِثْ ان كان عندك خَيْر».[69]

و قوله صلي الله عليه و سلم «و الله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه».[70]

و قوله صلي الله عليه و سلم «اعينوا اولادكم علي البر».[71]

و قوله صلي الله عليه و سلم «اِذَا اَضَلَّ اَحَدُكُمْ شَيْئاً اَوْ اَرَادَ غَوْثاً وَ هُوَ بِاَرْضٍ لَيْسَ بِهَا اَنِيْسٌ فَلْيَقُلْ يَا عِبَادَ اللهِ اَغِيْثُونِي يَا عِبَادَ اللهِ اَغِيْثُونِي فَاِنَّ لِلّهِ عِبَاداً لايَرَاهُمْ».[72]

و قوله صلي الله عليه و سلم «اِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ اَحَدِكُمْ بِاَرْضِ فَلاةٍ فَلْيُنَادِ: يَا عِبَادَ اللهِ اَحْبِسُوْا عَلَيَّ دَابَّتِي فَاِنَّ لِلّه فِي الارْضِ حَاضِراً سَيَحْبِسُهُ عَلَيْكُمْ».[73]

و قوله صلي الله عليه و سلم «وَ اِنْ اَرَادَ عَوْناً يَا عِبَادَ اللهِ اَعِيْنُونِي يَا عِبَادَ اللهِ اَعِيْنُونِي يَا عِبَادَ اللهِ اَعِيْنُونِي وَ قَدْ جُرِّبَ ذلِكَ».[74]

و قوله صلي الله عليه و سلم «استعينوا علي انجاح الحوائج بالكتمان فان كلَّ ذي نعمةٍ محسودٌ».[75]

و قوله صلي الله عليه و سلم «اِسْتَعِنْ بيمينك».[76]

و قوله صلي الله عليه و سلم «استعينوا علي كل صنعة باهلها».[77]

و قوله صلي الله عليه و سلم «استعينوا علي النساء بالعُريِ فان احداهن اذا كثرت ثيابها و احسنَتْ زينتها اعجبها الخروج».[78]

و ما روي عن ابن عمر رضي الله تعالي عنهما «اِنَّ عُمَرَ بَعَثَ جَيْشاً وَ اَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً يُدْعي سَارِيَة فَبَيْنَمَا عُمَرُ يَخْطُبُ فَجَعَلَ يُصِيْحُ يَا سَارِيَ الْجَبَلَ فَقَدِمَ رَسُوْلٌ مِنَ الْجَيْشِ فَقَالَ يَا اَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ لَقِيْنَا عَدُوَّنَا فَهَزَمُونَا فَاِذاً بِصَائِحٍ يَصِيْحُ يَا سَارِيَ الْجَبَلَ فَاَسْنَدْنَا ظُهُوْرَنَا اِلَي الْجَبَلِ فَهَزَمَهُمُ اللهُ تَعالي رَوَاهُ الْبَيْهَقِي فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ».[79]

فاذا ثبت من هذا الحديث اعانةُ عمر رضي الله عنه لجيش الاسلام من مسافة بعيدة بدون مستغيث منه، فاي مانع من جواز الاستعانة من مثله.

و قوله صلي الله عليه و سلم «استعينوا علي الرزق بالصدقة».[80]

و قوله صلي الله عليه و سلم «من اعان مجاهداً في سبيل الله او غارما في عسرته او مكاتبا في رقبته اظله الله في ظله يوم لا ظل الا ظله».[81]

و قوله صلي الله عليه و سلم «انصر اخاك ظالما او مظلوما قيل كيف انصره ظالما؟ قال: تحجزه عن الظلم فان ذلك نصره».[82]

و قوله صلي الله عليه و سلم «و اطلبوا الفضل عند الرحماء من امتي تعيشوا في اكنافهم».[83]

و قوله صلي الله عليه و سلم «استعينوا بطعام السحر علي صيام النهار، و بالقيلولة‌ علي قيام الليل».[84]

و قوله صلي الله عليه و سلم «من نصر اخاه بظهر الغيب نصره الله في الدنيا و الآخرة».[85]

و قوله صلي الله عليه و سلم «من اعان علي خصومة بظلمٍ لم يزل في سُخْطِ الله حتّي ينزِعَ».[86]

و قوله صلي الله عليه و سلم «اطلبوا الخيرَ عند حِسَانِ الوجُوه».[87]

و امثال هذه النصوص لاتعد و لاتحصي.

و القول: بان بعض هذه النصوص يدل علي جواز الاستعانة بغيره تعالي في الامور العادية التي يقدر عليها البشر و ليس فيه كلام احد، و كلامنا في الامور التي لايقدر عليها البشر، حماقة و جهل بالعقائد الدينية.

فان الامور كلها ليس منها ما يقدر عليه البشر حقيقة بل كلها مقدور الله تعالي و منسوبة اليه تعالي، خلقاً و ايجاداً، و بهذا الاعتبار جاءت النصوص الآتية: قوله تعالي «قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ».[88]

و قوله تعالي «وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ مَا تَعْمَلُونَ».[89]

و قوله تعالي «قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللّهِ».[90]

و قوله تعالي «فَلَمْ تَقْتُلُوْهُمْ وَ لَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَ مَا رَمَيْتَ اِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللهَ رَمَي».[91]

و قوله تعالي «اَ‌‌ اَنْتُمْ تَزْرَعُوْنَهُ اَمْ نَحْنُ الزَّارِعُوْنَ».[92]

و قوله تعالي «اِنَّكَ لاتَهْدِيْ مَنْ اَحْبَبْتَ وَ لَكِنَّ اللهَ يَهْدِيْ مَنْ يَشَاءُ».[93]

و قوله تعالي «لَيْسَ لَكَ مِنَ الامْرِ شَيء‏ٌ».[94]

و قوله تعالي «وَ اِيَّاكَ نَسْتَعِيْنُ».[95]

و قول النبي الاكرم صلي الله تعالي عليه و سلم «كُلُّ امْرِيءٍ مُهَيَّاءٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ».[96]

و قوله صلي الله عليه و سلم «سَلُوْا اللهَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّي الشِّسْعَ فَاِنَّ الله‌َ اِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ».[97]

و قوله صلي الله عليه و سلم «سَلُوا اللهَ حَوَائِجَكُمْ البَتَة».[98]

و قوله صلي الله عليه و سلم «انه لا يستغاث بي و انما يستغاث بالله».[99]

و قوله صلي الله عليه و سلم «و اذا سألت فاسأل الله».[100]

و قوله صلي الله عليه و سلم «لاتَسْألِ النَّاسَ شَيْئاً و لا سَوْطَكَ و اِنْ سَقَطَ مِنْكَ حَتَّي تَنْزِلَ اِلَيْهِ فتأخذه».[101]

و امثال هذه النصوص كثيرة جداً. و المراد منها بيان حقيقة الامور، و تخصيص الله تعالي بخلق الافعال و الذوات و ايجاد الاسباب و المسببات. فان الشارع الحكيم اسند الافعال باسرها الي فاعلها الحقيقي خلقا و ايجاداً  كهذه النصوص المذكورة. و قد يسندها الي فاعلها المجازي كسباً و تسبباً كالدلائل السابقة منها.

و قوله تعالي «مَا اَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ».[102]

و قوله تعالي «و ما اصابَكُم مِنْ مصيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ اَيْدِيْكُمْ».[103]

و قوله تعالي «وَ اِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّيْنِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِاِذْنِيْ فَتَنْفُخُ فِيْهَا فَتَكُوْنَ طَيْراً بِاِذْنِيْ وَ تُبْرِيءُ الاكْمَهَ وَ الابْرَصَ بِاِذْنِيْ وَ اِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَي بِاِذْنِيْ».[104]

و قوله تعالي «وَ اِنَّكَ لَتَهْدِيْ اِلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ».[105]

و قوله تعالي «اِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِيْ هِيَ اَقْوَمُ وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِيْنَ الَّذِيْنَ يَعْمَلُوْنَ الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ اَجْراً كَبِيْراً».[106]

و قوله تعالي «رَبِّ اِنَّهُنَّ اَضْلَلْنَ كَثِيْراً مِنَ النَّاسِ».[107]

و قوله تعالي «وَ اَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ».[108]

 و قوله تعالي «وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ اَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيْلِ».[109]

 و قوله تعالي «وَ اَضَّلَ فَرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ مَا هَدَي».[110]

و قوله تعالي «اِنَّمَا اَنَا رَسُوْلُ رَبِّكِ لأهَبَ لكِ غُلاماً زَكِيّاً».[111]

 و قوله صلي الله عليه و سلم «الصدقة تمنعُ سبعين نوعاً من البلاء».[112]

 و قوله صلي الله عليه و سلم «الطمَعُ يُذْهِبُ الحكمةَ من قلوبِ العلماء».[113]

 و قوله صلي الله عليه و سلم «الصلاةُ تُسوِّدُ وجهَ الشيطان».[114] و غير ذلك.

فالفاعل في افعال هذه النصوص حقيقة هو الله الخالق الباري و ان كانت مسندة الي اسبابها مجازاً  كالحرق للنار، و القطع للسكين، و الشبع للاكل، و الري للماء، و الدفاء لللبس، و الشفاء للدواء، و الاضلال للشياطين، و الهداية للعلماء، و الكرامة للاولياء، و غيرها من المسببات و الاسباب فمن اعتقد ان هذه الاسباب مؤثر مستقلة بذواتها يكفر اجماعاً، و لاتجد من المسلمين من يعتقد كذلك. و لكن الوهّابيين ظنوا ظن السوء و كانوا قوما بورا.

انهم اذا رأوا مَنْ يقول «امرضني الطعام، او شفاني الطبيب»، يسكتون و لايتكلمون بشيءٍ.

و ان سمعوا قول من يقول «شفاني الشيخ، او انجاني الولي»، هاجوا و ماجوا و تحركت جنونهم و طغت جهالتهم و يلقون اليه بالسب و الشرك و الكفر.

ما الفرق بين شفاني الطبيب، و انجاني الولي؟ لان الاعتقاد بانهما فاعل حقيقي خالق الشفاء و النجاة كفر و شرك بلا شك.

و الاعتقاد بانهما فاعل مجازي ليس لهما سوي الكسب و صرف الارادة تأثير صدق و ايمان بلا ريب. فالامران مستويان. من فرق بينهما فقد خبل عقله.

الاتري ان ابا هريرة رضي الله عنه شكي حاله الي النبي صلي الله عليه و سلم و قال: «قلتُ يا رسول الله اني اسمع منك حديثاً كثيرا اَنْساه. قال: ابسُطْ ردائَك فبسطته فغرف بيديه ثم قال: ضمّ فضمَمْته فما نسِيتُ شيئاً بعدُ».[115]

هل هذا الا استغاثة بالمخلوق فيما لايقدر عليه اِلا الخالق؟ هل انكره النبي صلي الله عليه و سلم؟ هل رمي عليه بالشرك؟ بل غرف له من الهوآء و القاه في الرداء، و امره بالضم، فكان سببا لعدم نسيانه.

هل الاتيان بالعرش قبل ارتداد الطرف، و الاتيان بايجاد الغلام داخلان تحت مقدورات المخلوقين؟ هل كفر سليمان عليه السلام بذلك الطلب؟ و هل اشرك آصف بقوله انا آتيك؟ و هل خرج جبريل عن دائرة التوحيد بقوله لأهب لك غلاماً؟ حاشاهم من ذلك.

انما اسندوا الفعل الي الفاعل المخلوق علي طريق المجاز. فاي مسلم تكلم بامثال هذه الاقوال فهو يريد المجاز، فلا يجوز حمل كلامه علي الحقيقة.

*   *   *

نداء الغائب

نداء المخلوق الغائب جائز قريبا كان او بعيداً حيا كان او ميتا صالحا كان او طالحا، استغيث به اَوْ لا.

و الدلائل فيه كثيرة:

منها قوله تعالي «فَاَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَاَصْبَحُوا فِيْ دَارِهِمْ جَاثِمِيْنَ. فَتَوَليَّ عَنْهُمْ وَ قَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ اَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّيْ وَ نَصَحْتُ لَكُمْ وَ لَكِنْ لاتُحِبُّونَ النَّاصِحِيْنَ».[116]

قال العلامة ابو البركات النسفي في تفسير قوله تعالي وَ قَالَ يَا قَوْمِ: «عند فراقه اياهم» و قال العلامة محي السنة علاء‌الدين الخازن: «انه خاطبهم بعد هلاكهم و موتهم توبيخا و تقريعا و كما خاطب النبي صلي الله عليه و سلم من قتلي بدر حين القوا في القليب».[117]

و منها هذا الحديث الشريف «فَجَعَلَ يُنَادِيْهِمْ باسمآئهم و اسمآء آبائهم يا فلانُ بن فلان و يا فُلان بن فلان اَيسُرُّكم انكم اَطعتُمُ اللهَ و رسوله فانا قد وجَدْنا مَا وعَدَنا ربُّنا حقّاً فهل وَجَدتهم مَا وَعَدَ رَبُّكم حقّاً».[118]

و منها ما رواه ابو صادق الازدي الكوفي ارسل عن علي قال: «قدم علينا اعرابي بعد ما دفنّا رسول الله صلي الله عليه و سلم بثلاثة ايام فرمي بنفسه علي قبر رسول الله صلي الله عليه و سلم و حَثَي علي رأسه من ترابه فقال: قلتَ يا رسول الله فسمعنا قولك وَ وَعَيْتَ عن الله فوعينا عنك و كان فيما انزل الله عليك، وَ لَوْ اَنَّهُمْ اذ ظلموا انفسهم الآية و قد ظلمت نفسي و جئتك تستغفر لي فنودي من القبر انه قد غفر لك».[119]

و منها ما روي عن عثمان بن حنيف «ان رجلاً ضرير البصر اتي النبي صلي الله عليه و سلم فقال: ادع الله لي ان يُعافِيَنِي،‌ فقال: اِنْ‌ شِئْتَ اخّرتُ لك و هو خيرٌ و ان شئتَ دعوتُ. فقال: ادْعُهْ. فامره ان يتوضّا فيحسن وضوئه و يصلي ركعتين و يدعوَ بهذا الدعاء «اللهمَّ اِنِّي اَسْأَلُكَ وَ اَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ اِنِّي قَدْ تَوَجَّهْتُ بِكَ اِلي رَبِّي فِي حَاجَتِي هذِهِ لِتُقْضي، الّلهُمَّ فَشفِّعْه فيَّ» قال ابو اسحاق هذا حديث صحيحٌ».[120]

و منها حديث ابن عمر انه خَدِرَت رجْله، فقيل له: ما لِرِجْلِك؟ قال: اجتمع عَصَبُها. قيل له اذكر اَحَبَّ النَّاس اليك قال: يا محمدُ، فبسطها».[121]

و منها ما ذكره الحافظ ابن كثير شعار المسلمين في موقعة اليمامة «و كان شعارهم يومئذ يا محمداه».[122]

و منها ما روي «ان عمر ‌بن الخطاب بعث جيشا و امر عليهم سارية بن زنيم فبينا هو يخطب علي المنبر يوم الجمعة بمدينة اذ ترك الخطبة و قال: يا سارية الجبلَ ثلاث مرات. فالتفت الحاضرون بعضهم الي بعض حتي قال بعضهم اِنّه مجنون فقال علي رضي الله عنه: ليظهرن ما قال. ثم سأله عبدالرحمن بن عوف و كان يستأنس فقال: رأيت المشركين هزموا اخواننا و يأتونهم من بين ايديهم و ظهورهم فامرتهم ان يسندوا ظهورهم الي الجبل حتي يقاتلوا من وجه فجاء بشير بعد شهر و قال: حاربنا العدو وقت صلاة الجمعة فهزموا، فسمعنا منادياً ينادي يا سارية الجبل فلحقنا بالجبل فانهزم العدو». هذا ملخص ما رواه البيهقي و ابو نعيم و ابن مروية. فعلي هذا يكون قوله الجبل منصوبا بتقدير التزم و نحوه و علي ما ذكره الشارح بتقدير اتّقِ و لكن المعتمد ما رواه المحدثون».[123]

و منها قوله صلي الله عليه و سلم «و اذا انفلتت دابته فليناد اعينوا يا عباد الله رواه ابن ابي شيبة من قول ابن عباس موقوفا، و ان اراد عونا فليقل: يا عباد الله اعينوني، يا عباد الله اعينوني، يا عباد الله اعينوني، رواه الطبراني.

عن زيد بن علي عن عقبة بن غزوان عن نبي ‌الله صلي الله عليه و سلم انه قال: اذا ضل احدكم شيئا، او اراد عونا و هو بارض ليس بها انيس فليقل: يا عباد الله اعينوني، يا عباد الله اعينوني، يا عباد الله اعينوني، فان لله عبادا لانراهم».[124]

و في رواية: يا عباد الله اغيثوني، يا عباد الله اغيثوني، فان لله عباداً لايراهم.[125] و قد جرب ذلك.[126]

و منها ما تواتر في التاريخ ان السيدة زينب بنت علي رضي ‌الله عنها لما اجتازت علي مصرع اخيها حسين رضي الله عنه صاحت قائلة: «يا محمداه!  هذا الحسين بالعراء، مُرَمَّلٌ بالدماء، مُقَطَّعُ الاعضاء، و بناتك سبايا، و ذريتك مقتّلة، تُسْفي عليها الصَّبا» فَاَبْكت كُلَّ عدُوٍّ و صديقٍ».[127]

و منها  قول ابي حنيفة رحمة الله عليه

يا سيدالسادات جئتك قاصـداً        ارجـو رضـاك و احتمي بحماكـا

        و الله يا خير الخلائـقِ انّ لــي         قلبـا مشـوقــا لايـروم سـواكـا

قد فُقْتَ يا طـه جميع الانبيـاء        طـرّا فسبحــانَ الـذي اسـراكــا

و الله يا يـس مِثْلُكَ لم يكــن        في العالميـن و حـقِّ مـن نباكــا

يا مالكي كُنْ شافعي في فاقتي        انـي فقيــرٌ فـي الـوَرَي لِغنَـاكـا

يا اكـــرمَ الثقلين يا كنزَ الْغِني        جُدْ لي بجودك و ارضني برضاكا[128]

و منها قول العلامة شهاب الدين احمد بن حجر الهيتمي رحمة الله عليه

یا عظيم الجاه عبـدا قـد اتـي              خائفاً من سـوء فعـل ثبتـا

يا شفيع الخلق في يوم الوعيـد              انّ وزري زاد و الامر شديد

يا رسول الله انجـد يـا اميــن              يا شفيعـاً في غـد للمذنبيـن

يا حبيبي ان لي قَلْبـاً حزيــن              يا ملاذاً لاذ فيـه الخائفـون.[129]

و منها ما روي عن محمد بن حرب الباهلي قال: «دخلت المدينة فانتهيت الي قبر النبي صلي الله عليه و سلم فاذا اعرابي يوضع علي بعيره فاناخه و عقله ثم دخل الي القبر فسلم سلاما حسنا و دعا دعاء جميلا ثم قال: بابي و امي يا رسول الله ان الله خصك بوحيه و انزل عليك كتابا و جمع لك فيه علم الاولين و الآخرين و قال في كتابه و قوله الحق: وَ لَوْ اَنَّهُمْ اِذْ ظَلَمُوْا اَنْفُسَهُمْ جَاؤُوْكَ فاَسْتَغْفَرُوْا الله وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُوْلُ لَوَجَدُوْا الله تَوَّاباً رَحِيْماً و قد اتيتك مقرا بالذنوب مستشفعاً بك الي ربك و هو ما وعد ثم التفت الي القبر فقال:

يا خير من دفنت في الارض اعظمه            فطاب من طيبهن القاع و الاكـم

انـت النبـيّ الـذي ترجـي شفاعتـه            عند الصراط اذامـا زلـت القـدم

نفسـي الفـداء لقبـر انـت سـاكنــه            فيه العفاف و فيه الجود و الكرم

و ركب راحلته فما اشك ان شاء الله الا انه راح بالمغفرة و لم يسمع بابلغ من هذا قط» و روي محمد بن عبدالله العتبي هذا الخبر و زاد في آخره قال: «فغلبني عيناي فرأيت رسول الله صلي الله عليه و سلم في النوم فقال لي: يا عتبي! الحق الاعرابي و بشره ان الله قد غفرله».[130]

و منها قول العلامة الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمة الله عليه

يا سيد الرسل الذي فاق الوري                بأسا سما كل الوجود وجودا

هذي ضَرَاعَةُ مذنـب متمسـك                بَوَلائكـم  من يوم كان وليدا

و منها قول العلامة شمس الدين بن جابر الاندلسي رحمة الله عليه

يا من اذا لجأ الضعيـف لبابـه               ابت المكارم ان يضيع من لجـا

عظمت ذنوبي و العظائم كلهـا               بعظيم جاهك نرتجي ان تفرجا

و منها قول الامام تقي الدين ابن دقيق العيد رحمة الله عليه

يا رسول المليك دعوة مـن زا                    دبـه شوقـه و صح وداده

لك اشكو حالا من الدين والـد                    نْيا شديدا غلوه و اقتصاده

و منها قول الامام كمال الدين بن الزملكاني رحمة الله عليه

يا صاحب الجاه عند الله خالقه         مــا ردّ جاهـــك اِلاّ كل افــاك

يا افضل الرسل يا مولي الانام         و يا خير الخلائق من انس و املاك

و منها قول جمال الدين بن نباتة المصري رحمة الله عليه

يا خاتم الرسل لي في المذنبين غدا        علـــي شفاعتــك الغرآء تعويــل

انت الملاذ لنــا دنيـــا و آخــرة        فباب قصدك في الدارين مقبــول».[131]

و منها قول زين العابدين رحمة الله عليه

يـا رحمـة للعـالميـن               ادرك لزيـن العابديـن

محبوس ايدي الظالمين               في موكب و المزدحم.[132]

و منها ما قال صاحب عمدة «حدثني العلامة شيخنا الشيخ عبدالقادر المحلي مشافهة قال: اذا كان لك حاجة الي الله و انت في اي مكان من الارض فتوجه نحو قبر الشيخ محمّد البكري و قل: يا شيخ محمّد يا ابن ابي الحسن يا ابيض الوجه يا بكري توسلت بك الي الله تعالي في قضاء حاجتي كذا و كذا فانها تقضي و هي مجربة».[133]

و منها الصَّلاةُ المشهورةُ بِصَلَواتِ اَدْرِكْ و هي هذه: «اللهمَّ صَلِّ وَ سَلِّمْ عَلَي سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ قَدْ ضَاقَتْ حِيْلَتِي اَدْرِكْنِي يَا رَسُول اللهِ».[134]

فَاِنَّها الترياق المجرَّب لتفريج الكروب و قضاء الحاجات. جرَّبَها العُلَماءُ العالمون الكاملون مثل الشيخ السيد محمّد شاكر العقاد و الشيخ احمد الحلبي القاطن و الشيخ العلامة حامد افندي العمادي و الشيخ العلامة ابن عابدين و الشيخ العارف عبدالقادر البغدادي الصديقي و الشيخ العلامة يوسف بن اسماعيل النبهاني و غيرهم رحمة الله تعالي عليهم اجمعين.

و منها قول حجة الاسلام الامام محمد الغزالي رحمة الله عليه «من يستمد في حياته يستمد بعد مماته».[135] اي من كان ندائه جائزا للاستمداد في الامور الدنيوية في حال حياته، لكونه من اهل الكرامة فيكون ندائه ايضاً جائزا بعد وفاته لان كرامته لاتنقطع بموته بل ان اوليائه تعالي كالسيوف في غُمُودها فاذا ماتوا تجردوا منها فكانوا اَحِدَّاءَ.

الحاصل ان نداء الولي الغائب و الاستغاثة به مما اجمع عليه السلف الصالحون و الخلف الفاضلون. مَن تفَكَّر تفكرا عميقاً‌ في النصوص المنقولة و امعن النظر امعانا دقيقاً في النقول المذكورة، و كان من التعصب جانباً و رضي بالحق صاحباً فقد هدي الي صراط مستقيم. و من لم يقصد سواء السبيل و طريق الرشاد و ركب حمور الانكار و ركض افراس العناد، لطمس علي عينيه، فاستبق الصراط فاني يبصر؟ نعوذ بالله من ذلك.

*   *   *

التوسل بالذوات الشريفة

هو اخذ الوسيلة و هي لغة ما يتوصل به الي المقصود مطلقا. و شرعا ما يتقرب به الي الله تعالي سواء كان من الاعمال الصالحة‍ او الذوات الفاضلة. و الدلائل فيها وافرة جدا.

منها قوله تعالي «يَا اَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَ ابْتَغُوا اِلَيْهِ الْوَسِيْلَةَ وَ جَاهِدُوا فِي سَبِيْلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».[136]

قال خاتمة المفسرين و قدوة ارباب الحقيقة و اليقين الشيخ اسماعيل الحقي البروسوي قدس سره: «وَ اعْلَمْ اَنَّ الآيَةَ الْكَرِيْمَةَ صَرَّحَتْ بِالامْرِ بِاِبْتِغَاءِ الْوَسِيْلَةِ وَ لابُدَّ مِنْهَا اَلْبَتَّه فَاِنَّ الْوُصُولَ اِلَي اللهِ تَعَالي لايَحْصِلُ اِلاّ بِالْوَسِيْلَةِ وَ هِيَ عُلَمَاء الْحَقِيْقَةِ وَ مَشَايِخُ الطَّرِيْقَةِ».[137]

و قال العلامة محمد عبدالحي اللكنوي رحمة الله عليه: «دلَّتِ الاحَادِيْثُ عَلي جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالاعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَ الذَّوَاتِ الْفَاضِلَةِ».[138]

و قال العلامة الجامع بين الشريعة و الطريقة الشيخ داود افندي قدس سره: «فَظَاهِرُ الآيَةِ عَامٌّ فِي الافْعَالِ وَ الذَّوَاتِ وَ مَنْ اِدَّعَي التَّخْصِيْصَ بِاَحَدِهِمَا فَقَدْ تَحَكَّمَ عَلي اَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ الآيَةِ تَخْصِيْصُهُ بِالذَّوَاتِ لانَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالي قال: يَا اَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوا الله، وَ التَّقْوي عِبَارَةٌ‏ عَنْ فَعْلِ الْمأمُورِ وَ تَرْكِ الْمَنْهِي، فَاِذَا فَسَّرْنَا اِبْتِغَاءَ الْوَسِيْلَةِ بِالاعْمَالِ يَكُونُ تأكيداً لِلامْرِ بالتَّقْوَي فَيَكُونُ مُكَرَّراً وَ اِذَا اُرِيْدَ بِهِ التَّوَسُلُ بِالذَّوَاتِ يَكُونُ تَأسِيْساً وَ هُوَ خَيْر‏‏ٌ مِنَ التَّأكِيْدِ».[139]

و يؤيد كلام الشيخ ما تقرر في اصولنا الفقهية و هو هذا: «وَ مِنْهَا المُفْرَدُ الْمُحَلّي بِاللامِ اِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَعْهُوْدِ».[140] فالوسيلة مفردة محلاة باللام و لا عهد ههنا فحكمها ان تكون عامة جميع ما يتوسل به من الاعمال الصالحة و الذوات الفاضلة.

و منها قوله تعالي «اوُلئِكَ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ يَبْتَغُونَ اِلي رَبِّهِمُ الْوَسِيْلَةَ اَيُّهُمْ اَقْرَبُ وَ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَ يَخَافُوْنَ‌ عَذَابَهُ».[141] فَضَمِيْرُ يَدْعُون لِلْمُشْرِكِيْنَ وَ ضَمِيْرُ يَبْتَغُونَ لِلْمُشَارِ اِلَيْهِمْ وَ هُمْ اَلْمَسِيْحُ وَ اُمُّهُ مَرْيَمُ وَ عُزَيْرُ‌ وَ الْمَلائِكَةُ وَ لَيْسَ الْمَرَادُ مِنْهُمْ اَلاصْنَامُ، لانَّ اِبتِغَاءَ الوَسِيلَةِ اِلَي الله لايَلِيْقُ بِشأنِ الاصْنَامِ. قَالَ الْعَلامَةُ مُحْيِ السُّنَّةِ: «مَعْنَاهُ يَنْظُرُونَ اَيُّهُمْ اَقْرَبُ اِلَي الله فَيَتَوَسَّلُونَ بِهِ».[142]

فينبغي للعبد ان يجعل من هو فوقه في التقوي وسيلة‌ الي الله تعالي و واسطة لجلب رضايته و محبته.

و منها قوله تعالي «وَ كَانُوْا مِنْ قَبْلُ يَستَفْتِحُوْنَ عَلَي الَّذِيْنَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَ هُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَي الْكَافِرِيْنَ».[143] اي و قَدْ كَانُوا قَبْلَ مَجِيْئِه يَسْتَنْصِرُونَ بِهِ عَلَي اَعْدَائِهِمْ وَ يَقُولُونَ «اللهمَّ انْصرنَا بِالنَّبِيِّ الْمَبْعُوْثِ آخِرَ الزَّمَانِ الَّذِي نَجِدُ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ». فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِه اي فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلي الله عليه و سلم الَّذِي عَرَفُوهُ حَقَّ المَعْرِفَةِ كَفَرُوا بِرِسَالَتِهِ.[144] فاذا صح توسل جِيْلٍ بالنبي الذي لم‌ يرسل اليهم، فتوسل قوم بنبيهم الذي ارسل اليهم و اتبعوا به اعلي و اجمل.

و منها قوله تعالي «اِذْهَبُوْا بِقَمِيْصِي هَذَا فَاَلْقُوْهُ عَلَي وَجْهِ اَبِيْ يأتِ  بَصِيْراً».[145] فارسل يوسف عليه السلام القيمص الذي كان موروثا من آبائه الي ابيه يعقوب عليه السلام و جعله وسيلة لزوال عماه فلمّا اُلْقِيَ علي وجهه فارتد بصيرا. فاذا ازال الله الكريم العمي عن البصر بجاه هذا القميص الجامد الذي لبسته احبابه تعالي، فكشف الضر و تسهيل العسر بحرمة انفاسهم الطيبة و واسطة‌ ذواتهم الطاهرة اولي و اَحْري.

و منها قوله تعالي «وَ مَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَ اَنْتَ فِيْهِمْ».[146] فاذا رفع الله تعالي عنهم بأسه الشديد بمحض وجوده صلي الله عليه و سلم بينهم و هم لايصدقون بمعجزاته و لايتوسلون بذاته، فما ظنك برفع العذاب عمن آمن به و توسل بذات شريفه صلي الله عليه و سلم.

و منها قوله تعالي «لَو تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِيْنَ كَفَرُوا مِنْهُم عَذَاباً اَلِيماً».[147] اي انفصل المؤمنون عن الكفار، لعذبنا الكافرين منهم اشد العذاب بالقتل و السبي و التشريد من الاوطان».[148]

فاذا كانت ذوات رجال مؤمنين و نساءٍ مؤمنات بمكة واسطة لصرف قهره تعالي عن اعدائه الكفرة فكيف لاتكون اعيانهم وسيلةً لبذل رحمته علي احبابه البررة مع ان رحمته تعالي اوسع و اشمل من عذابه فنعم ما قال الاستاذ باقر رحمة‌ الله عليه: «فوا اسفا ان اكثر اهل الزمان يتوسلون بجميع الوسائل حتي بالكفرة المعاندين للدين و ينكرون التوسل بخواص عباد الله المشار اليهم بقوله تعالي: رِجَالٌ لاتُلْهِيْهِمْ تِجَارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله الذين من عاداهم فقد آذن الله بالحرب كما ثبت بالحديث القدسي من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب».

و منها ما رواه الطبراني و هو «اَنَّ رَجُلاً كَانَ يَخْتَلِفُ اِلي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه فِي حَاجَةٍ لَهُ وَ كَانَ عُثْمَانُ لايَلْتَفِتُ اِلَيْهِ، وَ لايَنْظُرُ فِيْ حَاجَتِهِ، فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَشَكَي ذلِكَ اِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: اِئْتِ الْمِيْضَاةَ فَتَوَضَّأ، ثُمَّ ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ فِيْهِ رَكْعَتَيْنِ‌، ثُمَّ قُلْ: اللّهَمَّ اِنِّيْ اَسْأَلُكَ وَ اَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلي الله عليه و سلم نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ اِنِّيْ اَتَوَجَّهُ بِكَ اِلي رَبِّيْ فَيَقْضِيْ حَاجَتِيْ، وَ تَذْكُرُ حَاجَتَكَ وَ رُحْ اِلَيَّ حَتَّي اَرُوْحُ مَعَكَ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ ما قَالَ لَهُ، ثُمَّ اَتَي بَابَ عُثْمَانَ فَجَاءَ البَوَّابُ حَتَّي اَخَذَ بِيَدِهِ، فَاَدْخَلَهُ عَلي عُثْمَانِ بْنِ عَفَّانَ فَاَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَي الطُّنْفَسَةِ، وَ قَالَ‌: مَا حَاجَتُكَ؟ فَذَكَرَ حَاجَتَهُ فَقَضَاهَا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّي كَانَتْ هذِه السَّاعَةُ وَ قَالَ: مَا كَانَتْ لَكَ مِن حَاجَةٍ فَأتِنَا. ثُمَّ اِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَقَالَ لَهُ: جَزَاكَ الله خَيْراً مَا كَانَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِي، وَ لايَلْتَفِتُ اِلَيَّ حَتَّي كَلَّمْتَهُ فِيَّ، فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: وَ اللهِ مَا كَلَّمْتُهُ وَ لكِنْ شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلي الله عليه و سلم وَ اَتَاهُ رَجُلٌ ضَرِيْر‏ٌ فَشَكي اِلَيهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلي الله عليه و سلم: او تصبر؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اِنَّهُ لَيْسَ لِيْ قَائِدٌ، وَ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلي الله عليه و سلم اِئْتِ الْمِيْضَاةَ فَتَوَضَّأ ثُمَّ صَلِّ‌ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ادْعُ بِهذِهِ الدَّعَوَاتِ. فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: فَوَاللهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَ طَالَ بِنَا الْحَدِيْثُ حَتَّي دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ كَاَنَّهُ لَمْ ‌يَكُنْ بِه ضُرّ‏ٌ قَطّ». قَالَ الطَّبَرَانِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ طُرُقِهِ «و الْحَدِيْثُ صَحِيْحٌ».[149]

و مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ اَبِي الْجَوْزَاءِ قال: «قُحِطَ اَهْلُ الْمَدِيْنَةِ قَحْطاً شَدِيْداً فَشَكَوا اِلي عَائشَةَ فَقَالَتْ: اُنْظُرُوا قَبْرَ النَّبِيِّ صلي الله عليه و سلم فَاجْعَلُوا مِنْهُ كُويً اِلَي السَّمَآءِ حَتَّي لايَكُونَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ السَّمَآءِ سَقْفٌ فَفَعَلُوا فَمُطِرُوا حَتَّي نَبَتَ الْعُشْبُ وَ سَمِنت الاِبْلُ حَتَّي تَفَتَّقَتْ مِنَ الشَّحْمِ فَسُمِّيَ عَام الفَتْق».[150]

وَ مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ اَنَسٍ «اَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ اِذَا قُحِطُوا اِسْتَسْقي بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: اَللّهُمَّ اِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِيْنَا وَ اِنَّا نَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاَسْقِنَا، قَال: فَيُسْقَوْنَ».[151] هذا الحديث ادل دليل علي صحه التوسل بالذات.

اَمّا الوهّابيون فيقولون: «في هذا الحديث جواز التوسل بالذات الحي الحاضر فقط. و لو كان التوسل بالذات الميت او الغائب جائزاً لَمَا توسل عمر رضي الله عنه بالعباس بل يتوسل بالنبي صلي الله عليه و سلم» و التالي باطل فالمقدم مثله.

فنجيبهم انه لاتلزم الملازمة بين المقدم و التالي فانه ليس من ضرورة جواز التوسل بالميت عدم توسل عمر بمثل عباس حتي تحكم من بطلان التالي ببطلان المقدم.

فاي شيء يمنع عمر من فعل احد المشروعين التوسل بالحي و التوسل بالميت؟ فان التوسل كما هو جائز بالذوات الاحياء كذلك جائز بالذوات الموتي و عمر رضي الله عنه فعل احد الجائزين. فاستدلالهم بالقياس المذكور باطل كالاستدلال بان التوسل بالاعمال الصالحة لايصح و الا لما توسل عمر بالذات او ان التوسل بغير عباس لايجوز و الا لتوسل عمر بغيره من الصحابة او ان الدعاء بغير التوسل باطل و الا لَمَا توسل عمر فهذه سفسطة ظاهرة و جهل بالقاعدة المقررة عند الاصوليين وهي «اَلنَّصُّ مُوْجِبٌ لِلْحُكْمِ عِنْدَ وُجُوْدِ ذلِكَ الْوَصْفِ وَ لايُوْجِبُ نَفْيَ ذلِكَ الْحُكْمِ عِنْدَ اِنْعِدَامِهِ اَصْلاً».[152]

و منها ما جاء في الحديث ان آدم قد توسل بالنبي صلي الله عليه و سلم. قال: الحاكم في المستدرك: «حدثنا ابو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا ابوالحسن محمد اسحاق بن ابراهيم الحنظلي حدثنا ابوالحارث عبدالله بن مسلم الفهري حدثنا اسماعيل بن زيد بن اسلم عن ابيه عن جده عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه و سلم: لَمَّا اِقْتَرَفَ آدَمُ الْخَطِيْئَةَ قَالَ: يَا رَبِّ اَسْألُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ لَمَّا غَفَرْتَ لِيْ، فَقَالَ اللهُ يَا آدَمُ وَ كَيْفَ عَرَفْتَ مُحَمَّداً وَ لَمْ اَخْلُقْهُ؟ قَالَ: لانَّكَ يَا رَبِّ لَمَّا خَلَقْتَنِي بِيَدِكَ وَ نَفَخْتَ فِيَّ مِنْ رُوْحِكَ رَفَعْتُ رَأسِي، فَرَأيْتُ عَلي قَوَائِمِ العَرْشِ مَكْتُوباً لا اِلهَ اِلا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَعَلِمتُ اَنَّكَ لَمْ تُضِفْ اِلي اِسْمِكَ اِلا اَحَبَّ الْخَلْقِ اِلَيْكَ، فَقَالَ اللهُ تَعَالي صَدَقْتَ يَا آدَمُ، ‌اِنَّهُ لاَحَبُّ الخَلْقِ اِلَيَّ، وَ اِذْ سَألْتَنِيْ بِحَقِّهِ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، وَ لَوْلا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُكَ، وَ هُوَ آخِرُ الانْبِيَآءِ مِنْ ذُرّيَّتِكَ». قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الاسناد و قد اخرجه البيهقي ايضاً».[153]

و منها ما روي عن وهب بن منبه قال: «كَانَ رَجُلٌ عَصَي اللهَ مِأةَ سَنَةٍ فِي بَنِيْ اِسْرَائِيْلَ‌، ثُمَّ مَاتَ فَاَخَذُوْهُ وَ اَلْقُوْهُ فِيْ مَزْبَلَةٍ فَاَوحَي اللهُ تَعَالي اِلي مُوْسي عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَ السَّلامُ اَنْ اَخْرِجْهُ فَصَلِّ عَلَيْهِ قَالَ: يَا رَبِّ اِنَّ بَنِيْ اِسْرَائِيْلَ شَهِدُوا اَنَّهُ عَصَاكَ مِأةَ سَنَةٍ فَاَوْحَي اللهُ اِلَيْهِ هكَذَا اِلا اَنَّهُ كَانَ كُلَّمَا نَشَرَ التَّوْرَاتَ وَ نَظَرَ اِلي اِسْمِ مُحَمَّدٍ قَبَّلَهُ وَ وَضَعَهُ عَلي عَيْنَيْهِ فَشَكَرْتُ لَهُ ذلِكَ وَ غَفَرْتُ له وَ زَوَّجْتُهُ سَبْعِيْنَ حَوْرَاءَ».[154] فاذا كان تقبيلُ اسم الموعود موجباً للغفران، افلا يكون توسيلُ ذات الموجود سبباً للرضوان.

و منها ما جاء في مناقب فاطمة بنت اسد ام علي بن ابي طالب انها لما ماتت حفر رسول الله صلي الله عليه و سلم لحدها بيده و اخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلي الله عليه و سلم فاضطجع فيه فقال: «اللهُ الذي يحيي و يميت و هو حي لايموت اِغْفِرْ لاُمّي فاطمة بنت اسد و لَقِّنْهَا حُجَّتَها وَ وَسِّعْ عَلَيْهَا مَدْخَلَهَا بحق نبيكَ و الانبيآء الّذين من قبلي فانك ارحم الراحمين» و كَبَّرَ عليها اربعاً و ادخلوها اللحد هو و العباس و ابوبكر الصديق رضي الله عنهم. رواه الطبراني في الكبير و الاوسط.[155] و قد صحح الحديث ابن حبان و الطبراني و الحاكم.

و منها ما روي عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: من خرج من بيته الي الصلاة فقال: اللهم اني اسألك بحق السائلين عليك و بحق ممشاي هذا فاني لم ‌اخرج اشرا و لا بطرا و لا رياء و لا سمعة و خرجت اتقاء سخطك و ابتغاء مرضاتك فاسألك ان تعيذني من النار و ان تغفرلي ذنوبي انه لايغفر الذنوب الا انت. اقبل الله عليه بوجهه و استغفر له سبعون الف ملك». رواه ابن ماجة و رواه ابن خزيمة في صحيحه و ابن السني و ابو نعيم و قد حسنه العراقي و ابن حجر.[156] و قوله صلي الله عليه و سلم «بحق السائلين» شامل للاحياء و الاموات قاطبة فصح التوسل بهما جميعاً.

و قد ثَبَتَ تَوَسُّلُ الامَامِ اَحْمَدَ بِالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا حَتّي تَعَجَّبَ ابْنُهُ عَبْدُاللهِ بْنُ الامَامِ اَحْمَدَ مِن ذلِكَ، فَقَالَ لَهُ الامَامُ اَحْمَدُ: «اِنَّ الشَّافِعِيَّ كَالشَّمْسِ لِلنَّاسِ وَ كَالْعَافِيَةِ لِلْبَدَنِ» وَ لَمَّا بَلَغَ الامَامَ الشَّافِعِيَّ اَنَّ اَهْلَ المَغْرِبِ يَتَوَسَّلُونَ اِلَي اللهِ تَعَالي بِالامَامِ مَالِك لَم ينكر عَلَيْهِم».[157]

و الامَامُ الشَّافِعِي تَوَسَّلَ بِاَهْلِ البَيْتِ بَعْدَ مَوتِهِم و تَوَسَّلَ بِالامَامِ اَبِي‌حَنِيفَةَ بَعْدَ مَوْتِه وَ اَقَرَّ اَهْلَ المَغْرِبِ عَلي تَوَسُّلِهِم بِالامَامِ مَالِكِ بَعْدَ مَوتِه. وَ اَحْمَدُ تَوَسَّلَ بِالشَّافِعِي بَعْدَ مَوتِهِ فَضْلاً عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه و سلم وَ كُلُّ هؤلاءِ مِن اَئِمَّةِ المَذَاهِبِ الاربَعَةِ وَ عُلَمَائِهَا.[158]

و منها ما رُوِيَ عَن عَبْدِاللهِ ابنِ الامَامِ اَحْمَدَ بنِ حَنْبلٍ اَنَّهُ قَالَ: «سَمِعْتُ اَبِيْ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ خَمْسَ حِجَجٍ فَضَلَلْتُ فِي اِحْدَاهُنَّ عَنِ الطَّرِيْقِ وَ كُنْتُ مَاشِياً فَجَعَلْتُ اَقُوْلُ: يَا عِبَادَ اللهِ دُلُّونَا عَلَي الطَّرِيْقِ فَلَمْ اَزَلْ اَقُولُ ذلِكَ حَتَّي وَقَعْتُ عَلَي الطَّرِيْقِ».[159]

وَ عَن احمد بن حَنْبَل قَالَ: «اَعْطي بَعْضُ وَلَدِ الْفَضْلِ بنِ الرَّبِيْعِ اَبَا عَبْدِ اللهِ وَ هُوَ بِالحَبْسِ ثَلاثَ شَعَرَاتٍ فَقَالَ: هذَا مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صلي الله عليه و سلم، فَاَوْصي اَبُو عَبْدِاللهِ عِنْدَ مَوْتِهِ اَنْ تَجْعَلَ عَلي كُلِّ عَيْنٍ شَعْرَةً وَ عَلي لِسَانِهِ شَعْرَةً فَفَعَلَ ذلِكَ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ». فَاِذَا كَانَ مِثْلُ اِمَامِ السُّنَّةِ اَحْمَدَ بنِ حَنْبلٍ يُوْصِيْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِوَضعِ الشَّعَرَاتِ عَلَي عَيْنَيْهِ تَوَسُّلاً وَ تَوَجُّهاً بِآثَارِهِ صلي الله عليه و سلم و هي جَمَادٌ بَل مَظْنُوْنَةٌ اَنَّهَا مِن شَعْرِهِ صلي الله عليه و سلم فَكَيْفَ يُمْنَعُ غَيْرُهُ».[160]

وَ لَمَّا مَرضَ عَبْدُاللهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَي مَرَضَ الوَفَاة، وَ قِيْلَ لَهُ: «اَيْنَ تُحِبُّ اَنْ تُدْفَنَ؟» فَقَالَ: «صَحَّ‌ عِنْدِي اَنَّ بِالْقَطِيْعَةِ نَبِيّاً مَدْفُوناً، فَلانْ اَكُونَ فِي جِوَارِ نَبِيٍّ اَحَبُّ اِلَيَّ مِنْ اَنْ اَكُونَ فِي جِوَارِ اَبِيْ».[161]

و منها ما رواه ابن ابي شيبة و الامام الطبراني عن امية بن عبدالله «كانَ يَستَفتِحُ وَ يَستَنصِرُ بِصَعَالِيْكِ الْمُسْلِمِيْنَ».[162]

و قال الامام ابو الحسن الشاذلي رحمة الله عليه: «من كانت له الي الله حاجة،‌ و اراد قضائها فليتوسل الي الله تعالي بالامام الغزالي». و ذكر العلامة ابن حجر في الصواعق المحرقة، ان الامام الشافعي رحمة الله عليه توسل باهل بيت النبوي حيث قال:

آل النبـيّ ذريعتــي                     و هـم اليـه وسيلتـي

ارجو بهم اعطي غدا                     بيدي اليمين صحيفتي

و ذكر العلامة السيد ظاهر بن محمّد بن هاشم باعلوي في كتابه المسمي بمجمع‌ الاحباب في ترجمة الامام ابي عيسي الترمذي صاحب السنن انه رأي في المنام رب العزة فسأله عما يحفظ عليه الايمان حتي يتوفاه عليه قال: فقال لي «قُلْ بَعْدَ صَلاةِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلاةِ فَرْضِ الصُّبْحِ اِلهِيْ بِحُرْمَةِ الْحَسَنِ وَ اَخِيْهِ وَجَدِّهِ وَ بَنِيْهِ وَ اُمِّهِ وَ اَبِيْهِ نَجِّنِيْ مِنَ الغَمِّ الَّذِي اَنَا فِيْهِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلالِ وَ الاكْرَامِ اَسْألُكَ اَنْ تُحْيِيَ قَلْبِيْ بِنُورِ مَعْرِفَتِكَ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ». فكان الامام الترمذي يقول ذلك دائماً بعد صلاة سنة الصبح وَ يأمُرُ اصحابه به و يحثهم علي فعله و علي المواظبة عليه فلو كان التوسل ممنوعا لما فعله هذا الامام و لا امر بفعله و المواظبة عليه و هو امام حجة يقتدي به بل هذا الامر اعني التوسل لم ينكره احد قط من السلف و الخلف حتي جاء هؤلاء المنكرون.[163]

و منها ما رواه ابن بكار ان عمر رضي الله عنه توسل بشيبة العباس و هي جمادٌ.

و منها ما رواه الحاكم في المستدرك علي الصحيحين اَنَّ اَبَا اَيُّوبَ الانصَارِي رضي الله عنه غَزي قُسْطَنْطيْنِيَّةَ فِي خَلافَةِ مُعَاوِيَةِ مَعَ وَلَدِهِ يَزِيْد فَقُتِلَ هُنَاكَ وَ دَفَنَهُ الْمُسْلِمُوْنَ فِي اَصْلِ سُوْرِ البَلَدِ. قَالَ الرَّاوِي «فَالرُّومُ يَزُوْرُوْنَ قَبْرَهُ وَ يَسْتَقُوْنَ بِهِ اِذَِا قُحِطُوا».[164]

وَ قَالَ صَاحِبُ عُمْدَةِ التَحْقِيْقِ: «حَدَّثَنِي العَلامَةُ شَيْخُنَا الشَّيْخُ عَبْدُالْقَادِرِ الْمَحَلِّي مُشَافَهَةً قَالَ: اِذَا كَانَ لَكَ حَاجَة اِلَي‌ اللهِ وَ اَنتَ فِي اَيِّ مَكَانٍ مِنَ الارْضِ فَتَوَجَّه نَحْوَ قَبْرِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ البَكْرِيِّ‌، وَ قُلْ يَا شيخ مُحَمَّدُ‌ يَا ابْنَ اَبِي الحَسَنِ‌ يَا اَبْيَضَ الوَجْهِ يَا بَكْرِي، تَوَسَّلْتُ بِكَ اِلَي ‌اللهِ تَعالي فِي قَضَاءِ حَاجَتِي كَذَا وَ كَذَا فَاِنَّهَا تُقْضي وَ هِيَ مُجَرَّبَةٌ».[165]

وَ جُوِّزَ فِي البَزَّازِيَّةِ اَنْ يَقُوْلَ «اَللّهُمَّ اِنِّيْ اَسْئَلُكَ بِحُرْمَةِ فُلانٍ عِنْدَكَ وَ يُذْكَرُ نَبِيّاً اَو وَلِيّاً‌ اَو صَالِحَاً اَو عَالِماً حَيّاً اَو مَيِّتاً كَمَا نُقِلَ عَن بَعْضِ العَارِفِيْنَ اَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِلْمُرِيْدِيْنَ اِذَا سَأَلْتُم مِنَ‌ اللهِ تَعالي شَيْئاً فَاسْئَلُوا بِي، فَاِنِّي اَنَا الوَاسِطَةُ اَلآنَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ».[166]

و قال خاتمة المحققين الشيخ محمّد امين الشهير بابن عابدين: «مَعْرُوفُ الكرخِيِّ بْنُ فِيْرُوز مِنَ المَشَايِخِ الكِبَارِ مُجَابُ الدَّعْوَةِ يُسْتَسْقي بِقَبْرِهِ و هو استاذ السرّي السقطي مات سنة 200».[167]

و قال احمد بن الفتح: «سَألْتُ بِشْراً عَنْ مَعْرُوفٍ الكَرْخِيِّ فَقَالَ: هَيْهَاتَ حَالَتْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ الحُجَبُ اِنَّ مَعْروفاً لَمْ يَعْبُدِ اللهَ شَوْقاً اِلي جَنَّتِهِ وَ لا خَوْفاً مِن نَارِهِ وَ اِنَّمَا عَبَدَهُ شَوْقاً اِلَيْهِ فَرَفَعَهُ اللهُ اِلَي الرَّفِيْعِ الاعْلَي فَمَن كَانَتْ لَهُ اِلَي ‌اللهِ حَاجَةٌ فَلْيَأتِ قَبْرَهُ وَلْيَدْعُ فَاِنَّهُ يُسْتَجَابُ لَهُ اِنْ شاء‌ اللهُ تَعالي». قَالَ الحَافِظُ ابْنُ الجُوْزِيِّ‌: «وَ قَبْرُهُ ظَاهِرٌ يُتَبَرَّكُ بِهِ فِي بَغْدَاد». وَ كَانَ اِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ يَعْنِي صَاحِبَ الامَامِ اَحْمَد بنِ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: «قَبْرُ مَعْرُوفٍ التَّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ».[168]

و قال السيد محسن الامين: «و في المواهب اللدنية للامام القسطلاني، وَقَفَ اَعْرَابِيٌّ عَلي قَبْرِهِ الشَّرِيْفِ صلي الله عليه و سلم وَ قَالَ: «اَللّهُمَّ اِنَّكَ اَمَرْتَ بِعِتْقِ العَبِيْدِ وَ هذَا حَبِيْبُكَ، وَ اَنَا عَبْدُكَ فَاعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ عَلَي قَبْرِ حَبِيْبِكَ فَهَتَفَ بِه هَاتِفٌ يَا هذَا تَسْألُ العِتْقَ لَكَ وَحْدَكَ، هَلا سَألتَ العِتْقَ لِجَمِيْعِ الخَلْقِ يَعْنِي مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ اِذْهَبْ فَقَدْ اَعْتَقْتُكَ.

و عَنِ الحَسَنِ البَصْريِّ وَقَفَ حَاتَمُ الاصَمُّ عَلي قَبْرِهِ صلي الله عليه و سلم فقال: يَا رَبّ اِنَّا زُرْنَا قَبْرَ نَبِيِّكَ صلي الله عليه و سلم فَلاتَرُدَّنَا خَائِبِيْنَ‌، فَنُوْدِي يَا هذَا مَا اَذِنَّا لَكَ فِي زِيَارَة قَبْرِ حَبِيْبِنَا اِلا وَ قَدْ قَبِلْنَاكَ،‌ فَارْجِعْ اَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الزُّوَّارِ مَغْفُوراً لَكُم».[169]

و قال العلامة علي‌ بن سلطان محمّد القاري في باب زيارة سيد المرسلين صلي الله عليه و سلم: «ثم توجه مع رعاية غاية الادب فقام تجاهَ الوجه الشريف اهـ و حسن ان يقولَ: اَللّهُمَّ اِنَّ هذَا حَبِيْبُكَ وَ اَنَا عَبْدُكَ وَ الشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ فَاِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيْبُكَ وَ فَازَ عَبْدُكَ وَ غَضِبَ عَدُوُّكَ وَ اِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي حَزَنَ حَبِيْبُكَ وَ رَضِيَ عَدُوُّكَ وَ هَلَكَ عَبْدُكَ‌ وَ اَنْتَ اَكْرَمُ مِن اَنْ تَغْضَبَ حَبِيْبَكَ‌ وَ تُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَ تُهْلِكَ عَبْدَكَ. اَللّّهُمَّ اِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ اِذَا مَاتَ فِيْهِم سَيِّدٌ اَعْتَقُوا عَلي قَبْرِهِ وَ اِنَّ هذَا سَيِّدُ العَالَمِيْنَ، اَعْتِقْنِي عَلي قَبْرِهِ».[170]

و قال العلامة العارف بالله تعالي الشيخ احمد الصاوي المالكي في حاشيته: «لانَّهُ اَلوَاسِطَةُ العُظْمي فِي كُلِّ نِعْمَةٍ. فَتَجِبُ مُلاحَظَتُهُ فيْ كُلِّ عَمَلٍ لِلّهِ لانَّ اللهَ تَعَبَّدْنَا بِالتَّوَسُّلِ بِه. قَالَ تَعَالي: قُلْ اِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّوْنَ اللهَ فَاتَّبِعُونِيْ يُحْبِبْكُمُ اللهُ، فَمَنْ زَعَمَ اَنَّهُ يَصِلُ اِلي رِضَاءِ اللهِ بِدُونِ اِتّخَاذِهِ صلي الله عليه و سلم وَاسِطَةً وَ وَسِيْلَةً بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللهِ تَعالي، ضَلَّ سَعْيُهُ وَ خَابَ رَأيُهُ. قَالَ العَارِفُ بنُ مَشِيْشٍ: وَ لا شَيءَ اِلا وَ هُوَ بِهِ مَنُوطٌ اِذ لَولا الوَاسِطَةُ لَذَهَبَ كَمَا قِيْلَ المَوْسُوطُ. وَ قَالَ بَعْضُهُم: وَ اَنْتَ بَابُ اللهِ اَيُّ اِمْرِيءٍ اَتَاهُ مِنْ غَيْرِكَ لايَدْخُلُ فَهُوَ بَابُ اللهِ الاَعْظَمُ، وَ سِرُّهُ الاَفْخَمُ وَ الوُصُولُ اِلَيْهِ وُصُوْلٌ اِلَي اللهِ لانَّ الحَضْرَتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَ مَنْ فَرَّقَ لَمْ يَذُقْ لِلْمَعْرِفَةِ طَعْماً».[171]

و قال العلامة محمّد حسن الفاروقي الحنفي: «ينادي ربّه و يتوسل بروح الصالح من عباده المقرب لبابه بنحو قولنا: اللهم اني اتوسل اليك بروح سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم او بروح الشيخ الفلاني و هذا النوع جائز لا غبار علیه عند كافة الامة المرحومة الا مَن اعمي اللهُ قلبه و ختم علي سمعه و بصره و قد هدانا اللهُ تعالي الي هذا بقوله يَا اَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَ ابْتَغُوا اِلَيهِ الوَسِيْلَةَ فلفظة اتقوا قبل الامر بابتغاء الوسيلة تشير الي الحث و اللزوم بابتغاء الوسيلة الي حضرة قدسه تعالي، و تعليم الادب لعباده بتقديم الوسيلة لان طلب المسئول من اكابر الوقت غالباً لايكون بدون تقديم الوسيلة من الهدية او شفاعة مقرب عنده كذلك طلب المسئول من الملك العلام لايصلح الا بتقديم الوسيلة، و اوثق الذرائع و احسنُ الهدايا الي الغني المِنعام التوسل بارواح الصالحين من عباده».[172]

و قال الشيخ يوسف خطار محمّد: «فالتوسل حكم مقرر جوازه من احكام الشريعة المطهرة و معمول به في عصره لايتغير بانتقاله عليه الصلاة و السلام كما لاتتغير بقية احكام التشريع فلايحق لانسان ان يقول: هل الوضوء جائز بعد موت النبي صلي الله عليه و سلم؟ و هل الصلاة جائزة بعد موت النبي صلي الله عليه و سلم؟ و هكذا، و مثل ذلك قولهم: هل التوسل جائزة بعد موته صلي الله عليه و سلم؟ لانها جميعاً احكام شرعية مقررة بادلتها وهي معمول بها في حياته و بعد انتقاله. فلو اجزنا التوسل بالحي دون الميت لجعلنا للحي نوع تأثير دون ان نشعر و هذا خلاف عقيدة الاسلام و قد مر معنا في بداية باب التوسل ان المتوسل لايعتقد ان للمتوسل به اي تأثير من خير او نفع الا ما اثبته له رسول الله صلي الله عليه و سلم مجازا عند ما قال: و اعلم ان الامة لو اجتمعت علي ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك اِلا بشيء قد كتبه الله لك و انهم لو اجتمعوا علي ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك فاثبت لهم النفع و الاضرار و حصره ضمن ارادة الله و مشيئه فالمتوسل به اذاً لايتصرف بنفسه في قضاء حاجة المتوسل حتي يحول موته دون ذلك و انما هو يسعي بالشفاعة عند الله تعالي في قضاء تلك الحاجة و انه لم يرد نص واحد يثبت ان الله ينزع من انبيائه و اوليائه المكانة و الجاه بعد انتقالهم الي عالم البرزخ».[173]

فالحاصل ان التوسل المطلوب عند الشارع الكريم ثلاثة. التوسل بالذوات و التوسل بالعبادات و التوسل بالمكانات، فالاول ثبت بالادلة المذكورة في هذا الباب. و الثاني بحديث الغار المشهور عند اهل العلم، و الثالث بحديث ابن عباس و بحديث ابي سعيد الخدري المذكورين في هذا الباب ايضاً، و بحديث توسلوا بجاهي فان جاهي عند الله عظيم.[174]

ان في هذه الدلائل لذكري لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد، فمن اعمي الله قلبه لايتذكر بها بل جحد و اتبع امر كل جبار عنيد.

*   *   *

التبرّك باحباب الله تعالي و آثارهم

التبرك من البركة و هي الزيادة و النماء لغة، و معناها الاصطلاحي طلب الزيادة من الخير من القادر المتعال بمكانة شيء شريف، و التبرك بهذا المعني ليس هو الا توسيلاً اليه تعالي بذلك الشيء المحترم.

فابتغاء الخير بالتبرك باحباب الله تعالي، او بِاَجْزائهم المتبركة، اَوْ بِالاَشْيَآءِ المتعلَّقَة لهم مِنَ الالبِسَةِ و الافْرِشَةِ و الاوْعِيَة و الامْكَنَةِ و السُّئُورِ و الآثارِِ اَمْرٌ مَطلوبٌ و فِعْلٌ مَشْرُوع‏ٌ عند السَّلَفِ و الْخَلَفِ، لايَسْتَنْكِره اِلا الوَهَّابِيُّون، فَاِنَّهُم يقولون بدون خوف من الله تعالي: «كُلُّ مَن يتبرك بالصلحاء‌ الفضلاء او بآثارهم الشريفة، فهو ضالّ و مُضِلٌّ و مُشْرِكٌ‌، خارج عَن ساحة الاسلام». نعوذ بالله من تكفير المسلمين.

فاعلموا ايها الاخوان! اِنَّ للوهّابيّین داءً عُضَالاً لايَشْفِيْهِ اِلاّ تكفير المسلمين، فهم في مِصْداقِ الحديث المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: اِنَّ لِجَهَنَّمَ بَاباً لايَدْخُلُه اِلا مَن شَفَي غَيْظُهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ. فالمبتلون بالم التكفير و السقيمون بداء التوهب، عُمْيَانٌ لايرون الصواب و الصراط المستقيم، و صُمَّانٌ لايسمعون الحق و القول الصدق، و سفهاءٌ لايفهمون ما يقولون، يمرقون من الدين كما يَمْرُقُ السهمُ من الرَّمِيَّة،‌ اعاذنا اللهُ منهم.

كما قال الله تعالي: «وَ لَقَدْ ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كثيراً مِنَ الجِنِّ وَ الاِنسِ لَهُمْ قُلُوب‏ٌ لايَفْقَهُونَ بِهَا‌ وَ لَهُمْ اَعْيُنٌ لايُبْصِرُوُنَ بِهَا وَ لَهُمْ آذَانٌ لايَسْمَعُونَ بِهَا اُولئِكَ كَالانْعَامِ بَل هُمْ اَضَلُّ اُولئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ».[175]

و اَمَّا مَن هداه اللهُ تعالي فجعله بصيراً و سميعاً و فهيماً لايدرك حواسه الظاهرة و الباطنة اِلا شواهد التيمّن و دلائل التبرك من الآيات و الاحاديث و الآثار، فَاِنَّها كثيرة لاتعد و لاتحصي.

منها قوله تعالي حكاية عن يوسف عليه السلام: «اِذْهَبُوا بِقَمِيْصِي هَذَا فَاَلْقُوهُ عَلَي وَجْهِ اَبِي يَأتِ بَصِيْرا».[176] ارسل يوسفُ عليه السلام قميصَه الي ابيه يعقوبَ عليه السلام تيمناً به و طلباً شفاءَ عَيْنَيْهِ بِبَرَكَةِ هذَا القميص المبارك.

و منها قوله تعالي: «قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ اِنَّ آيةَ مُلْكِهِ اَنْ يَأتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيْهِ سَكِيْنَةٌ مِنْ رَّبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسي وَ آلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلائِكةُ ط اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَهً لَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ».[177] قال المفسر جلال‌ ‌الدين عبدالرحمن السيوطي: «اي ما ترك موسي و هارون عليهما السلام هو نعلا موسي و عصاه و عمامة هارون و قفيز من المن الذي كان ينزل عليهم و رُضَاضُ الالوَاح اي قطع الواح التورات».[178]

و قال خاتمه المفسرين الشيخ اسماعيل الحقي: «و كانوا اذا حضروا القتال يقدمونه بين ايديهم و يستفتحون به علي عدوهم».[179] فهمت من الآية الشريفة و تفسيرها، اَنَّ هذه الاشيآء الماسة باجسام احباب الله تعالي و ابدانه ميامينُ يطلب بها الخير و البركة.

و منها قوله تعالي حكاية عن عيسي عليه السلام: «وَ جَعَلَنِي مُبَارَكاً اَيْنَمَا كُنْتُ».[180] و فُسِّر مُبَاركاً اي نَفَّاعاً للنَّاس و معلماً للخير لَهُمْ،‌ فعلي هذا ليس معناه اِلا ما يطلب منه الخير،‌ فجعل اللهُ تعالي عيسي عليه السلام مَنْشَأ الخير و مَنْبَعَ البَرَكَةِ‌ اَلَّذِي اَبْرَيءَ الاكمَهَ و الابرَصَ و اَحيَ المَوْتي بِاِذْنِ اللهِ تعالي.

و كذا سائر احبابه تعالي من الانبيآء و الاوليآء. فاذا تحيرتم في الامور فتبركوا بهم لقوله عليه الصلاة و السلام: «تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ فَاِنَّ لِلّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَن يشاءُ مِن عِبادِهِ».[181] اي عطايا التي تَهُبُّ من رياح رحمته».[182]

و منها ما ذكره المفسرون في تفاسيرهم انه لمّا مات يوسف عليه الصلاة و السلام دفنوه في النيل في صندوق من رُخَامٍ اي حجر ابيض و قيل من حجارة المرمر و ذلك انه لما مات يوسف عليه السلام تَشَاحَّ الناسُ فيه فطلب كل اهل محلة ان يدفن في محلتهم رجاء بركته حتي هَمُّوا ان يقتتلوا ثُمَّ رأوا ان يدفنوه في النيل بحيث يجري المآء عليه و يتفرق عنه و تصل بركته الي جميعهم.

و قال عكرمة: «انه دفن في الجانب الايمن من النيل فَاَخْصَبَ ذلك الجانب و اَجْدَبَ الجانبُ الآخر فنقل الي الجانب الايسر فاخصب و اجدب الجانب الايمن فدفنوه في وسط النيل و قدروه بسلسلة فاخصب الجانبان فبقي الي ان اخرجه موسي عليه السلام و حمله معه حتي دفنه بقرب آبائه بالشام في الارض المقدسة».[183] فبان من هذه الوقايع جواز التبرك و ابتغاء الخير باجساد احباب الله تعالي، بل هو مشروع و مؤثر في تحصيل اسباب المنافع و النعمات، و في دفع مواد المكاره و النَقِمَات.

و منها ما ذكره البخاري في صحيحه «لما طُعِنَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لابنه عبدالله: اِنْطَلِقْ الي عائشه اُمِّ المؤمنين فقل يقرأ عليكِ عُمر السلامَ، و لاتقُلْ اميرالمؤمنينَ، فاني لستُ اليوم للمؤمنين اميراً، و قل يستاذن عمر بن الخطاب اَنْ يُدفنَ مَعَ صاحِبَيْهِ فَسَلَّم فاستاذن ثُمَّ دَخَل عليها فوَجَدَها قاعدةً تبكي، فقال: يقرأ عليكِ عمر بنُ الخطاب السلام و يستأذن اَنْ يُدْفَنَ مَعَ صاحِبَيْهِ، فقالت كنتُ اُرِيدُه لنفسي و لاُوثِرَنَّ بِهِ اليومَ علي نفسِي. فلما اقبلَ قيل: هذا عبدالله بن عمر قد جآءَ قال: ارفعوني فاسنَدَه رجل اليه فقال: مَا لَدَيْك؟ قال: الذي تُحِبُّ يا امِيرَ المؤمنينَ قد اَذِنَتْ قال: الحمدُ لِلّهِ ما كان شيءٌ اهمَّ الي من ذلك. فاذا انا قُبِضْتُ فاحمِلوني، ثُمَّ سَلِّمْ فَقُل: يستأذِنُ عمر بنُ الخطاب، فاِنْ اَذِنَتْ لي فَاَدْخلُونِي، و اِنْ رَدَّتْنِي فَرُدُّونِي اِلَي مَقابر المسلمين».[184] فعلم من هذا الحديث الشريف انَّه ما جعل اميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه راغباً في هذا الامر اِلا تَبَرُّكُه بجوار صاحبيه الكريمين صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين.

و منها ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في خاتمه صلي الله عليه و سلم. قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: «فَلَبِسَ الخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلي الله عليه و سلم اَبُوبَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ الاظْهَرُ اَنَّهُمْ لَبِسُوْهُ اَحْيَاناً لاجْلِ التَّبَرُّكِ بِه». و قال النووي: «فِي الحَدِيْثِ التَّبَرُّكُ بِآثَارِ الصَّالِحِيْنَ وَ لَبْسِ مَلابِسِهِم وَ جَوَازِ لَبْسِ الخَاتَمِ».[185]

و مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْْ اَنَسٍ، «اَنَّ رَسُوْلَ الله صلي الله عليه و سلم لَمَّا حَلَقَ رَأسَهُ كَانَ اَبُوطَلْحَةَ اَوَّلَ مَنْ اَخَذَ مِن شَعْرِهِ».[186]

و مِنْها مَا رُوِيَ عَنْ اَنَسِ بن مَالِكٍ «اَنَّ رَسُولَ اللهِ صلي الله عليه و سلم اَتَي مِنيً فَاَتَي الجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ اَتَي مَنْزِلَهُ بِمِني وَ نَحَرَ ثُمَّ قال للحَلّاقِ: خُذْ وَ اَشَارَ اِلي جَانِبِهِ الايْمَنِ ثُمَّ الايْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيْهِ النَّاسَ».[187] قال الامام النووي: «هذا الحديث فيه فوائد كثيرة الخ و مِنهَا اَلتَّبَرُّكُ بِشَعْرِهِ صلي الله عليه و سلم وَ جَوَازُ اِقْتِنَائِهِ لِلتَّبَرُّكِ».[188]

و منها ما روي مسلم و غيره من طريق ابن سيرين عن انسٍ، «اَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه و سلم لَمَّا حَلَقَ شَعْرَهُ بِمِني فَرَّقَ شِقَّهُ الايْمَنَ عَلي اَصْحَابِهِ اَلشَّعْرَةَ وَ الشَّعْرَتَيْنِ وَ اَعْطي اَبَاطَلْحَةَ الشِّقَ الاَيْسَرَ كُلَّهُ».[189]

و منها ما روي عن ابن سِيْرِيْن رحمة الله عليه قَالَ: «قُلْتُ لِعَبِيْدَةٍ، عِنْدَنَا مِن شعرالنبي صلي الله عليه و سلم اَصَبْنَاهُ مِن قِبَلِ اَنَسٍ اَو قِبَلِ اَهْلِ اَنَسٍ فقال: لَاَنْ تَكُوْنَ عِنْدِيْ شَعْرَةٌ مِنْهُ اَحَبُّ اِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيْهَا».[190]

و منها ما رواه عبدالحميد بن جَعْفرٍ عن اَبِيْه، «اَنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيْدِ فَقَدَ قَلَنْسُوَتَهُ يَوْمَ يَرْمُوْكَ، فقال: اُطْلُبُوْهَا فَلَمْ يَجِدُوْهَا فَلَمْ يَزَلْ حَتَّي وَجَدُوْهَا، فَاِذَا هِيَ خَلْفَهُ، فَسُئِلَ عَن ذلِكَ، فَقَالَ اعْتَمَرَ النّبِيُّ صلي الله عليه و سلم فَحَلَقَ رَأسَهُ فَابْتَدَرَ النَّاسُ شَعْرَهُ فَسَبَقْتُهُمْ اِلي نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِي هذِهِ القَلَنْسُوَةِ فَلَمْ اَشْهَدْ قِتَالاً و هِيَ مَعِي، اِلا تَبَيَّنَ لِي النَّصْرُ وَ رَوَاهُ اَبُوْ يَعْلي عَنْ شُرَيْح بْنِ يُوْنُسَ عَنْ هُشَيْمٍ مُخْتَصَراً و قَالَ فِي آخِرِه فَمَا وَجَّهْتُ فِي وَجْهٍ اِلا فُتِحَ لِي».[191]

وَ لَمَّا سَقَطَتْ عَنْهُ يَوْمَ اليَمَامَةِ شد عليها حَتَّي اَخَذَهَا فَاَنْكَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ ذلِكَ، قَبْلَ عِلْمِهِمْ بِمَا فِيْهَا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللهِ صلي الله عليه و سلم لِظَنِّهِمْ اَنَّهُ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ عَلي قَلَنْسُوَةٍ لا قِيْمَةَ لَهَا، فَقَالَ خَالِدٌ: «اِنِّي لَمْ اَفْعَلْ ذلِكَ لِقِيْمَةِ القَلَنْسُوةِ، لكن كَرَهْتُ اَنْ تَقَعَ بِاَيْدِي المُشْرِكِيْنَ وَ فِيْهَا مِن شَعْرِ النَّبِيِّ صلي الله عليه و سلم». فَرَضُوا عَنْهُ وَ اَثْنَوا عَلَيهِ».[192]

قال الفاضل العلامة احمد ‌بن محمّد شهاب‌ الدين الخفاجي في تشريح قول خالد‌ بن الوليد رضي الله عنه: «اِلا نَصَرَهُ اللهُ عَلي اَعْدَائِهِ فَيَقْتُلُهُم اَو يَهْزِمُهُم بِبَرَكَةِ تِلكَ الشَّعْرَاتِ الَّتِي كَانَت فِي قَلَنْسُوَتِهِ».[193]

و منها ما قاله البخاري في صحيحه: «بَابُ مَا ذُكِرَ مِن دِرْعِ النَّبِيِّ صلي الله عليه و سلم و عَصَاهُ و سَيْفِهِ و قَدَحِهِ و خَاتَمِهِ و مَا اِسْتَعْمَلَ الخُلَفَآءُ بَعْدَهُ مِن ذلِكَ مِمَّا لَمْ تُذْكَر قِسْمَتُه و مِن شَعرِهِ و نَعلِهِ و آنِيَتِهِ، مِمَّا يَتَبَرَّكُ اَصْحَابُهُ و غَيْرُهُم بَعدَ وَفَاتِهِ صلي الله عليه و سلم».[194] و قَالَ اَبُو بُرْدة: «قَالَ لِي عَبْدُالله بن سَلام اَلا اَسْقِيْكَ  فِي قَدَحٍ شَرِبَ النَّبِيُّ صلي الله عليه و سلم فِيهِ».[195]

قَالَ اَبُو عَبْدِاللهِ البُخَارِي:‌ «رَأيْتُ هذَا القَدْحَ بِالبَصْرَةِ و شَرِبْتُ فِيْهِ و كَانَ اِشْتَري مِن مِيْراثِ النَّضْرِ بنِ اَنَسٍ بِثَمَانَ مِأةِ اَلفٍ اِلي غَيْرِ ذلِكَ مِنَ التَّبَرُّكِ بِآثارِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَ السَّلامُ فَلَم يَبْقَ مَحَلٌّ لاِنْكَارِ التَّبَرُّكِ بِذلِكَ اِلا مِمَّنْ لايصدق النَّبِيَّ صلي الله عليه و سلم فِيْمَا اَقَرَّ عَلَيْهِ وَ اَمَرَ بِهِ».[196]

فَقَدْ كَانَ هذَا القَدْحُ مَحْفُوظاً عِنْدَ الصَّحَابَةِ و التَّابِعِيْنَ بِالشَّرابِ فِيْهِ و لَمْ يُسْمَعْ عَنْ اَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ و لا مِنْ اَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ اِنْكَارُ ذلِكَ وَ لا الاِسْتِخْفَافُ بِهِ فَكَيْفَ يَتَوَهَّمُ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ اَنَّ هذَا التَّبَرُّكَ و شِبْهَهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ اَو خِلافُ الافْضَلِ، اَ حَرِيٌّ اَن يُوْصَفَ فَاعِلُهُ بِالشِّرْكِ؟ اَعَاذَنَا اللهُ تَعالي مِنْهُ».[197]

قَالَ سَهْل‏ٌ: «فَاَقْبَلَ رَسُول اللهِ صلي الله عليه و سلم يَوْمَئِذٍ حَتَّي جَلَسَ فِي سَقِيْفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هو و اَصْحَابُهُ ثُمَّ قَالَ: اَسْقِنَا لِسَهْلٍ قَالَ: فَاَخْرَجْتُ لَهُم هذَا القَدْحَ فَاَسْقَيْتُهُم فِيهِ».

قَالَ اَبُوحَازِمٍ: «فَاَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذلِكَ القَدْحَ فَشَرِبْنَا فِيْهِ قَالَ: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ بَعْدَ ذلِكَ عُمْرُ بْنُ عَبْدُ العَزِيْزِ فَوَهَبَهُ لَهُ».[198] يَعْنِي اَلقَدَحَ الَّذِي شَرِبَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه و سلم هذا فِيْهِ التَّبَرُّكُ بِآثار النَّبِيِّ صلي الله عليه و سلم و مَا مَسَّهُ اَو لَبِسَهُ اَو كَانَ مِنْهُ فِيْهِ سَبَبٌ و هذَا نَحْوُ مَا اَجْمَعُوا عَلَيْهِ و اَطْبَقَ السَّلَفُ وَ الخَلَفُ عَلَيْهِ مِنَ التَّبَرّكِ بِالصَّلاةِ فِي مُصَلّي رَسُولِ اللهِ صلي الله عليه و سلم فِي الرَّوْضَةِ الكَرِيْمَةِ و دُخُوْلِ الغَارِ الَّذِي دَخَلَهُ صلي الله عليه و سلم و غَيْرُ ذلِكَ.[199]

و منها مَا رُوِيَ عَنْ اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه و سلم اِذَا صَلّي الغَدَاةَ جَاءَ خَدَمُ المَدِيْنَةِ بِآنِيَتِهِمْ فِيْهَا المَآءُ فَمَا يُؤتي بِاِنَاءٍ الا غَمَسَ يَدَهُ فِيْهَا، فَرُبَّمَا جَاؤُوهُ فِي الغَدَاةِ البَارِدَةِ فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِيْهَا».[200]

و فِيْهَا صَبْرُهُ صلي الله عليه و سلم عَلَي المُشَقَّةِ فِي نَفْسِهِ لِمَصْلَحَةِ المُسْلِمِيْنَ و اِجَابَتُهُ مَن سَألَهُ حَاجَةً اَو تَبْرِيْكاً بِمَسِّ يَدِهِ و اِدْخَالِهَا في المَاءِ كَمَا ذَكَرُوا.

و فِيْهِ التبرّكُ بِآثَارِ الصَّالِحِيْنَ و بَيَانِ مَا كَانَتِ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنَ التبرّكُ بِآثَارِهِ صلي الله عليه و سلم، و تَبَرُّكِهِمْ بِاِدْخَالِ يَدِهِ الكَرِيْمَةِ فِي الآنِيَةِ و تَبَرُّكِهِم بِشَعْرِهِ الكَرِيْم.[201]

و قَالَ اَبُو مُوسي: «دَعَا النَّبِيُّ صلي الله عليه و سلم بِقَدَحٍ فِيْهِ مَآءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَ وَجْهَهُ فِيْهِ وَ مَجَّ فيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: اشربا مِنْهُ و اَفْرِغَا عَلي وُجُوْهِكُمَا وَ نُحُورِكُمَا».[202]

عَن عَوْنِ ابن اَبِيْ جُحَيْفَة عَن اَبِيْهِ وَهَبِ بْنِ عَبْدِاللهَ قَالَ: «رَأيْتُ بِلالا اَخَذَ وَضُوءَ النَّبِيّ صلي الله عليه و سلم و النَّاسُ يَبْتَدِرُوْنَ الوَضُوْءَ فَمَن اَصَابَ مِنْهُ شَيْئاً تَمَسَّحَ بِهِ وَ مَن لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئاً اَخَذَ مِن بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ».[203]

و منها ما روي عن عِتْبَانَ بنَ مالِكٍ و هو من اصحابِ النَّبِيِّ صلي الله عليه و سلم مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً مِنَ الانصار، انّه اَتَي رسولَ الله صلي الله عليه و سلم فقال: يا رسول الله اني قد اَنْكَرْتُ بَصَرِي و انا أصَلِّي لِقَوْمِي و اذا كانت الامطارُ سَالَ الوادي الَّذِي بيني و بينهم و لم اَسْتَطِعْ اَنْ آتِيَ مسجدَهُمْ فَاُصَلِّيَ لَهُمْ و وَدِدْتُ اَنَّكَ يا رسول اللهِ تأتِيَ فتُصَلِّيَ في مُصَلّيً فاتخذه مُصَلّيً قَالَ: فقال رسول اللهُ صلي الله عليه و سلم: سأفعل انشاء الله. قال عتبان: فغدا رسول الله صلي الله عليه و سلم و ابوبكر الصديق حين ارتفع النهار فاستاذن رسولُ الله صلي الله عليه و سلم فَاَذِنْتُ لَهُ فلم يَجْلِسْ حتَّي دَخَلَ البَيْتَ ثُمَّ قَالَ: اَيْنَ تُحِبُّ اَنْ اُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ: قَالَ فَاَشَرْتُ اِلي نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه و سلم فَكَبَّرَ فَقُمْنَا وَرَاءَ‌ه فَصَلَّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ.[204]

قال العلامة النووي في شرحه: «في حديث عتبان هذا فوائد كثيرة و عدّ منها التبركُ بالصالحين و آثارهم و الصلاةُ في المواضع التي صلوا بها و طلبُ التبريك منهم و زيارةُ الفاضِل المفضولَ و حضورُ ضيافته و سقوط الجماعة للعذر و استصحابُ الامامِ و العالِم و نحوِهما بعض اصحابه في ذهابه و الاستئذان علي الرجل في منزله و ان كان صاحبه و الابتداء في الامور باهمها لانه صلي الله عليه و سلم جاء للصلاة فلم يجلس حتي صلي و جواز صلاة النفل جماعة و انه يستحب لاهل المحلة و جيرانهم اذا ورد رجل صالح الي منزل بعضهم ان يجتمعوا اليه و يحضروا مجلسه لزيارته و اكرامه و الاستفادة منه و انه لا بأس بملازمة الصلاة في موضِع معين من البيت».[205]

و منها ما فعله معاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنهما، كانَ عندَهُ ازار رسولِ الله صلي الله عليه و سلم و رِدَاؤه و قَمِيْصُهُ و شَيءٌ مِن شَعْرِهِ و اَظْفَارِهِ فَقَال: «كَفِّنُونيِ فِي قَمِيْصِهِ وَ اَدْرِجُوْنيِ فِي رِدَائِهِ و اَزّرُوْنِي بِاِزَارِهِ وَ احْشُوا مِنْخَري وَ شَدَقيَّ و مَوَاضِعَ السُّجُودِ مِنِّي بِشَعْرِه و اَظْفَارِهِ و خَلُّوا بَيْنِي وَ بَيْنَ اَرْحَمِ الرَّاحِميْنَ».[206]

و منها ما روي عَن اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ النَّبيُّ صلي الله عليه و سلم يَدْخُلُ بَيْتَ اُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلي فِرَاشِهَا و لَيْسَتْ فِيْهِ، قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَامَ عَلي فِرَاشِهَا فَاُتِيَتْ فَقِيْل لَهَا هذا النَّبِيُّ صلي الله عليه و سلم نَامَ فيِ بَيْتِكَ عَلي فِرَاشِكِ قَالَ: فَجَاءَتْ و قَد عَرِقَ وَ اسْتَنْقَعَ‌ عَرَقُهُ‌ عَلَي قِطْعَةِ اَدِيْمٍ عَلَي الفَرَاشِ فَفَتَحَتْ عَتِيْدَتَهَا فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذلِكَ العَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فيِ قَوَارِيْرِهَا فَفَزِعَ النَّبِيُّ صلي الله عليه و سلم فَقَالَ: مَا تَصْنَعِيْنَ يَا اُمَّ سُلَيْمٍ؟ فَقَالَتْ يَا رَسُوْلَ اللهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا قَالَ: اَصَبْتِ».[207]

و منهَا مَا قَالَهُ القَاضِيَ عيَاض: «مِن شَأنِ مَن حَجَّ بَيْتَ الله الحَرَامَ، اَلمُروْرُ بِالمَدِيْنَةِ و القَصْدُ اِلَي الصَّلاةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلي الله عليه و سلم وَ التَّبرّكُ بِرُؤيَةِ رَوْضَتِهِ وَ مِنْبَرِهِ و مَجْلِسِهِ و مَلامِسِ يَدَيْهِ و مَوَاطِئ قَدَمَيْهِ و العُمُودِ الَّذِي كَانَ يَسْتَنِدُ اِلَيْهِ و يَنْزِلُ جبْرائِيْلُ بِالوَحْيِ فِيْهِ عَلَيْهِ و بِمَنْ عَمَّرَهُ وَ قَصَدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ و اَئِمَّةِ المُسْلِميْنَ».[208]

و رُوْئِيَ اِبْنُ عُمَرَ وَاضعاً يَدَهُ عَلَي مَقْعَدِ النّبِيِّ صلي الله عليه و سلم مِنَ المِنْبَرِ ثمّ وَضَعَهَا عَلي وَجْهِهِ.[209]

و قَالَ عَبْدُاللهِ ابنُ الامَامِ اَحْمَدَ بْنِ حنبل: «سَألْتُ عَنْ اَبِيْ عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ مِنْبَرَ رَسُوْلِ اللهِ صلي الله عليه و سلم و يتبرّكُ بِمَسِّهِ وَ يُقَبِّلُهُ وَ يَفْعَلُ بِالقَبْرِ مِثْلَ ذلِكَ رِجَاء ثَوَاب اللهِ تَعَالي قَالَ: «لابَأسَ بِهِ».[210]

و قال احمد بن محمد الكندري: «رأيت احمد بن حنبل في النوم فقلت: ما صنع الله بك؟ قال: غفر لي ثم قال: يا احمد ضربت فيّ قال: قلت نعم يا رب. قال: يا احمد هذا وجهي فانظر اليه فقد ابحتك النظر اليه».

رُوِيَ اَنَّهُ اَرْسَلَ الشَّافِعِيُّ اِلي بَغْدَادَ يَطْلُبُ قَمِيْصَهُ الَّذِيْ ضُرِبَ فِيْهِ فَاَرْسَلَهُ اِلَيْهِ فَغَسَلَهُ الشَّافِعِيُّ و شَرِبَ مَائَهُ.[211]

و قال القاضي عياض في الشفآء: «حَدَّثَنا القاضي ابو علي عن شيخه ابي القاسم بن المأمونِ قال كانت عندنا قصعةٌ من قِصَاعِ النبّي صلي الله عليه و سلم فَكُنَّا نَجْعَلُ فِيْها المَاءَ لِلْمَرْضي فَيَسْتَشْفُونَ بِهَا».[212]

و منها ما روي عن اسماء بنت ابي بكر، انّها اَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانية لَهَا لِبْنَةُ دِيْبَاجٍ و فَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْن بالدِّيْبَاجِ و قالت: «هذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صلي الله عليه و سلم كانت عند عائشة فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا و كان النبي صلي الله عليه و سلم يَلْبَسُها فَنَحْنُ نَغْسِلُها لِلْمَرْضي نَسْتَشْفِيْ بها» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.[213]

فعلم من هذه الدلائل ان التبرك باحباب الله تعالي بذواتهم الشريفة او بالاشيآء المتعلقة لهم فَعْلٌ مشروعٌ لايشك فيه بالِغٌ فهِيمٌ فضلاً عن عالمٍ حكيم. فكيف يُشَكُّ في مشروعِيَّتِهِ؟ ان الامّة الاسلامية سَلَفَهُمْ و خَلَفَهُم قاطبة لم يألوا تبركاً بالنبي الامي محمّد صلي الله عليه و سلم حيّاً و ميّتاً بجسمه المطهر و قبره المنور و اجزائه المشرفة‌ من الشعر والظفر و الدم و العرق و بما مس ببدنه الشريف من الرداء و الازار و القميص و السواك و القصعة و القدح و العصا و السيف و الارض و الماء و غيرها.

فان جئنا بالادلة الواردة فيها لطال الكلام، فاكتفينا بخير الكلام ما قَلَّ و دَلَّ فَمَنْ لم ينفعه القليل لاينفعه الكثير. فمن تفكر فيما ذكرنا بحسن امعان لَعلِمَ صحة التبرك بسائر احبابه تعالي و بما تعلق بهم من الآثار و الاماكن.

و من اراد التعمق في الاستدلال و التحقيق فعليه بمطالعة تأليفي «ميزان الاعتدال في بيان الحق و الضلال»، فان فيه ما يشفي العليل و يُروِي الغَليل، و ذكرت فيه بحوثا شتي من تاريخ ظهور الوهّابيين و الحروب التي وقعت بينهم و بين المسلمين، و بيان السلاطين الذين نصروا بدعتهم، و بيان عقائدهم و اقوالهم الباطلة و حِيَلِهِم العاطلة و بيان طبقات فقهاء اهل الحق و شرائط الاجتهاد و طلب الاستغاثة بغير الله تعالي و نداء الغائب و التوسل بالذوات و التبرك بالاولياء و آثارهم و طلب الشفاء بهم و زيارة قبورهم للرجال و النساء و بناء القُبَبِ علي قبورهم، و اثبات سماعهم و حياتهم البرزخية و النذر لهم و طلب الشفاعة منهم و اثبات كرامتهم، و بيان احتفال المولد النبوي، و حَلَقِ الذكر للصوفية و اثبات طرائقهم، و بيان مسالكهم و غيرها من المراسم الاسلامية و المجالس العرفانية.

فانه ما من اجتماع و مجلس ذكر و عبادة منها الا قد بدت البغضاء عليه مِن اَفْوَاهِ الوَهَّابِيّين، و مَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ اَكْبَرُ. مَثَلُ الفريقين كَالاَعْمي و الاصَمِّ وَ البَصِيْرِ و السَّمِيْعِ هَل يَسْتَوِيَانِ مَثلاً اَفَلا تَذَكَّروُنَ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين.

تمت الرسالة فی یوم الاربعاء

29/3/1389 هـ ش ـ 7/4/1423 هـ ق


[1] ـ التوسل بالنبي و جهلة الوهابيين صفحه 4

[2] ـ شرح جلال الدين الدواني جلد 2 صفحه 163

[3] ـ مجموعة فتاوي ابن تيمية جلد 3 صفحه 80

[4] ـ مجموعة فتاوي ابن تيمية جلد 2  صفحه 3

[5] ـ مجموعة فتاوي ابن تيمية جلد 4  صفحه 304

[6] ـ مجموعة فتاوي ابن تيمية جلد 4  صفحه 318

[7] ـ مجموعة فتاوي ابن تيمية جلد 1  صفحه 312

[8] ـ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح صفحه 321

[9] ـ زاد المعاد في هدي خير العباد جلد 3 صفحه 435

[10] ـ زاد المعاد في هدي خير العباد جلد 3 صفحه 486

[11] ـ كشف النقاب عن عقيدة ابن عبدالوهاب صفحه 8

[12] ـ ثلاثة الاصول و ادلتها صفحه 14

[13] ـ اربع قواعد صفحه 27

[14] ـ كتاب التوحيد صفحه 31

[15] ـ كتاب التوحيد صفحه 173

[16] ـ كشف الشبهات صفحه 65

[17] ـ كشف النقاب عن عقائد ابن عبدالوهاب صفحه 82

[18] ـ خلاصة الكلام في بيان امراء البلد الحرام جلد 2 صفحه 230

[19] ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد صفحه 20

[20] ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد صفحه 108

[21] ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد صفحه 160

[22] ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد صفحه 115

[23] ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد صفحه 260

[24] ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد صفحه 179

[25] ـ حياة القلوب صفحه 45

[26] ـ حياة القلوب صفحه 55

[27] ـ حياة القلوب صفحه 78

[28] ـ حياة القلوب صفحه 52

[29] ـ حياة القلوب صفحه 32

[30] ـ تمييز المحظوظين صفحه 81

[31] ـ تمييز المحظوظين صفحه 85

[32] ـ مفتاح الجنة لا اله الا الله صفحه 3

[33] ـ مفتاح الجنة لا اله الا الله صفحه 13

[34] ـ مفتاح الجنة لا اله الا الله صفحه 17

[35] ـ مجموع فتاوي و مقالات متنوعة جلد 1 صفحه 26

[36] ـ مجموع فتاوي و مقالات متنوعة جلد 1 صفحه 69

[37] ـ مجموع فتاوي و مقالات متنوعة جلد 1 صفحه 225

[38] ـ الفتاوي الحديثية صفحه 99

[39] ـ شرح الشفاء جلد 2 صفحه 151

[40] ـ حاشية الصاوي علي تفسير الجلالين جلد 1 صفحه 107

[41] ـ طريقة الراشدين صفحه 40 ـ رد المحتار علي الدر المختار جلد 5 صفحه 349

[42] ـ شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق صفحه 137

[43] ـ شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق صفحه 177

[44] ـ هامش النبراس صفحه 116 ـ كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبدالوهاب صفحه 132

[45] ـ التفسير الوجيز صفحه 250

[46] ـ البصائر لمنكري التوسل باهل المقابر صفحه 148

[47] ـ رد المحتار علي الدر المختار جلد 3 صفحه 309

[48] ـ حاشية الصاوي علي تفسير الجلالين جلد 3 صفحه 308

[49] ـ قمر الاقمار صفحه 247

[50] ـ عمدة الرعاية جلد 2 صفحه 312

[51] ـ الدرر السنية في الرد علي الوهابية صفحه 53

[52] ـ التوسل بالنبي صلي الله عليه و سلم صفحه 299

[53] ـ المنحة الوهبية في رد الوهابية صفحه 2

[54] ـ التاج الجامع للاصول في احاديث الرسول جلد 4 صفحه 12

[55] ـ البصائر لمنكري التوسل باهل المقابر صفحه 152

[56] ـ غوث العباد ببيان الرشاد صفحه 181

[57] ـ سورة النمل آية 38 ـ 39 ـ 40

[58] ـ تفسير البحر المحيط جلد 7 صفحه 76

[59] ـ تفسير النسفي جلد 3 صفحه 386

[60] ـ سورة القصص آية 15

[61] ـ سورة البقرة آية 45 ـ 153

[62] ـ سورة المائدة آية 2

[63] ـ سورة الكهف آية 95

[64] ـ سورة الاعراف آية 160

[65] ـ سورة الانفال آية 72

[66] ـ سورة آل عمران آية 52

[67] ـ سورة الاعراف آية 134

[68] ـ صحيح البخاري جلد 1 صفحه 199

[69] ـ صحيح البخاري جلد 1 صفحه 476

[70] ـ التاج الجامع للاصول في احاديث الرسول جلد 1 صفحه 62

[71] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 78

[72] ـ كنز العمال في سنن الاقوال و الافعال جلد 6 صفحه 706

[73] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 34 ـ جامع الاحاديث جلد 1 صفحه 177

[74] ـ حصن الحصين صفحه 133

[75] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 64

[76] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 64

[77] ـ كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق صفحه 388

[78] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 65

[79] ـ مشكوة المصابيح صفحه 546

[80] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 64

[81] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 282

[82] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 188

[83] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 73

[84] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 64

[85] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 318

[86] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 282

[87] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 72

[88] ـ سورة الرعد آية 16

[89] ـ سورة الصافات آية 96

[90] ـ سورة النساء آية 78

[91] ـ سورة الانفال آية 17

[92] ـ سورة الواقعة آية 64

[93] ـ سورة القصص آية 56

[94] ـ سورة آل عمران آية 128

[95] ـ سورة الفاتحة آية 4

[96] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 153

[97] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 55

[98] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 55

[99] ـ مفاهيم يجب ان تصحح صفحه 188

[100] ـ مفاهيم يجب ان تصحح صفحه 185

[101] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 357

[102] ـ سورة النساء آية 79

[103] ـ سورة الشوري آية 30

[104] ـ سورة المائدة آية 110

[105] ـ سورة الشوري آية 52

[106] ـ سورة الاسراء آية 9

[107] ـ سورة ابراهيم آية 36

[108] ـ سورة طه آية 85

[109] ـ سورة عنكبوت آية 38

[110] ـ سورة طه آية 79

[111] ـ سورة مريم آية 19

[112] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 81

[113] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 93

[114] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 84

[115] ـ صحيح البخاري جلد 1 صفحه 22

[116] ـ سورة الاعراف آية 79

[117] ـ تفسير الخازن جلد 2 صفحه 106

[118] ـ صحيح البخاري جلد 2 صفحه 566

[119] ـ تفسير القرطبي جلد 5 صفحه 265

[120] ـ سنن ابن ماجه جلد 1 صفحه 442

[121] ـ النهاية في غريب الحديث و الاثر جلد 2 صفحه 13

[122] ـ البداية و النهاية جلد 6 صفحه 324

[123] ـ النبراس شرح شرح العقائد النسفية صفحه 482

[124] ـ شرح عين و زين الحلم جلد 1 صفحه 199

[125] ـ كنز العمال في سنن الاقوال و الافعال جلد 6 صفحه 706

[126] ـ حصن الحصين صفحه 84

[127] ـ الكامل في التاريخ جلد 4 صفحه 81

[128] ـ القصيدة النعمانية صفحه 86

[129] ـ النعمة الكبري علي العالم صفحه 44

[130] ـ حجة الله علي العالمين في معجزات سيد المرسلين صفحه 786

[131] ـ غوث العباد ببيان ارشاد صفحه 216

[132] ـ البصائر لمنكري التوسل باهل المقابر صفحه 37

[133] ـ افضل الصلوات علي سيد السادات صفحه 146

[134] ـ حجة الله علي العالمين في معجزات سيد المرسلين صفحه 818

[135] ـ لمعات و حواشي مشكوة صفحه 154

[136] ـ سورة المائدة آية 35

[137] ـ تفسير روح البيان جلد 2 صفحه 388

[138] ـ عمدة الرعاية جلد 1 صفحه 48

[139] ـ صلح الاخوان من اهل الايمان صفحه 45

[140] ـ تنقيح الاصول صفحه 120

[141] ـ سورة الاسراء آية 57

[142] ـ تفسير لباب التاويل في معاني التنزيل جلد 3 صفحه 168

[143] ـ سورة البقرة آية 89

[144] ـ صفوة التفاسير جلد 1 صفحه 63

[145] ـ سورة يوسف آية 93

[146] ـ سورة الانفال آية 33

[147] ـ سورة الفتح آية 25

[148] ـ صفوة التفاسير جلد 16 صفحه 40

[149] ـ الترغيب و الترهيب من الحديث الشريف جلد 1 صفحه 476

[150] ـ مشكوة المصابيح صفحه 545

[151] ـ التاج الجامع للاصول في احاديث الرسول جلد 1 صفحه 318

[152] ـ اصول السرخسي جلد 1 صفحه 256

[153] ـ الانوار المحمدية صفحه 14 ـ وفاء الوفا جلد 4 صفحه 1372 ـ البداية و النهاية جلد 1 صفحه 180 ـ مجمع الزوائد جلد 8 صفحه 253 ـ ابواب الفرج صفحه 289 ـ شرح المواهب جلد 1 صفحه 62 ـ تفسير روح البيان جلد 1 صفحه 113

[154] ـ انسان العيون في سيرة المأمون جلد 1 صفحه 93

[155] ـ مجمع الزوائد جلد 9 صفحه 257

[156] ـ الترغيب و الترهيب من الحديث الشريف صفحه 179 ـ بداية الهداية صفحه 24 ـ مراقي العبودية صفحه 24

[157] ـ خلاصة الكلام صفحه 252 ـ الدرر السنية صفحه 28

[158] ـ كشف الارتياب صفحه 319

[159] ـ الفجر الصادق صفحه 62

[160] ـ صلح الاخوان من اهل الايمان صفحه 83

[161] ـ المصعد الاحمد في ختم مسند الامام احمد صفحه 24

[162] ـ الجامع الصغير جلد 2 صفحه 197

[163] ـ الدرر السنية صفحه 28 ـ خلاصة الكلام صفحه 252

[164] ـ صلح الاخوان من اهل الايمان صفحه 57

[165] ـ افضل الصلوات علي سيد السادات صفحه 146

[166] ـ الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية جلد 2 صفحه 277

[167] ـ رد المحتار علي الدر المختار جلد 1 صفحه40

[168] ـ صلح الاخوان من اهل الايمان صفحه 58

[169] ـ كشف الارتياب صفحه 320

[170] ـ ارشاد الساري الي مناسك الملا علي القاري صفحه 340

[171] ـ حاشية الصاوي علي تفسير الجلالين جلد 2 صفحه 165

[172] ـ العقائد الصحيحة صفحه 57

[173] ـ الموسوعة اليوسفية في بيان ادلة الصوفية صفحه 111

[174] ـ حاشية الطحطاوي علي مراقي الفلاح صفحه 10

[175] ـ سورة الاعراف آية 179

[176] ـ سورة يوسف آية 93

[177] ـ سورة بقرة آية 248

[178] ـ جلالين كلان صفحه 38

[179] ـ تفسير روح البيان جلد 1 صفحه 385

[180] ـ سورة مريم آية 31

[181] ـ الجامع الصغير جلد 1 صفحه 72

[182] ـ السراج المنير جلد 1 صفحه 231

[183] ـ لباب التأويل جلد 3 صفحه 45 ـ التفسير المظهري جلد 5 صفحه 204 ـ تفسير القرطبي جلد 9 صفحه 270 ـ تفسير روح البيان جلد 4 صفحه 327 ـ انوار التنزيل جلد 1 صفحه 509 ـ تفسير ابي السعود جلد 4 صفحه 308 ـ تفسير روح المعاني جلد 5 صفحه 63

[184] ـ صحيح البخاري جلد 1 صفحه 524

[185] ـ مرقات المفاتيح جلد 4 صفحه 444

[186] ـ صحيح البخاري جلد 1 صفحه 29

[187] ـ صحيح المسلم جلد 9 صفحه 52

[188] ـ شرح النووي لصحيح المسلم جلد 9 صفحه 54

[189] ـ الاصابة في تمييز الصحابة جلد 1 صفحه 567

[190] ـ صحيح البخاري جلد 1 صفحه 29

[191] ـ الاصابة في تمييز الصحابة جلد 1 صفحه 414

[192] ـ شرح زاد المسلم جلد 5 صفحه 7

[193] ـ نسيم الرياض في شرح الشفاء القاضي عياض جلد 1 صفحه 133

[194] ـ صحيح البخاري جلد 1 صفحه 438

[195] ـ صحيح البخاري جلد 2 صفحه 842

[196] ـ شرح زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري و المسلم جلد 1 صفحه 206

[197] ـ شرح زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري و المسلم جلد 5 صفحه 8

[198] ـ شرح النووي لصحيح المسلم جلد 13 صفحه 178

[199] ـ شرح النووي لصحيح المسلم جلد 13 صفحه 178

[200] ـ صحيح المسلم جلد 15 صفحه 82

[201] ـ شرح النووي لصحيح المسلم جلد 15 صفحه 82

[202] ـ صحيح البخاري جلد 1 صفحه 31

[203] ـ صحيح البخاري جلد 2 صفحه 871

[204] ـ شرح النووي لصحيح المسلم جلد 5 صفحه 159

[205] ـ شرح النووي لصحيح المسلم جلد 5 صفحه 161

[206] ـ الاكمال في اسماء الرجال صفحه 617

[207] ـ شرح النووي لصحيح المسلم جلد 15 صفحه 87

[208] ـ الشفاء بتعريف حقوق المصطفي جلد 2 صفحه 151

[209] ـ الشفاء بتعريف حقوق المصطفي جلد 2 صفحه 153

[210] ـ وفاء الوفا جلد 2 صفحه 443

[211] ـ مرقات المفاتيح جلد 1 صفحه 21

[212] ـ الشفاء بتعريف حقوق المصطفي جلد 1 صفحه 218

[213] ـ شرح النووي لصحيح المسلم جلد 2 صفحه 190ـ مشكوة المصابيح صفحه 374 ـ سنن ترمذي صفحه 162 ـ الشفاء بتعريف حقوق المصطفي جلد 1 صفحه 218 ـ نسيم الرياض في شرح الشفاء لقاضي عياض جلد 3 صفحه 134 ـ مرقات المفاتيح جلد 8 صفحه 241.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *